يُقَالَ :(فَإِذَا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ) ؛ إِذْ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِلشَّرْطِ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ، وَهُوَ فِي جِنْسِ الْإِنْسَانِ وَمُقْتَضَى طَبْعِهِ لَا فِي فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ، وَنُكْتَةُ هَذَا التَّعْبِيرِ أَنْ يَتَصَوَّرَ الْقَارِئُ وَالسَّامِعُ لِلْآيَةِ كَشْفَ الضُّرِّ بَعْدَ الدُّعَاءِ وَاقِعًا مُشَاهَدًا مِنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، وَيَرَى مَا يَفْعَلُ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْعِبْرَةِ. أَيْ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ الَّذِي دَعَانَا لَهُ فِي حَالِ شُعُورِهِ بِعَجْزِهِ عَنْ كَشْفِهِ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ مِنَ الْأَسْبَابِ، مَرَّ وَمَضَى فِي شُئُونِهِ عَلَى مَا كَانَ مِنْ طَرِيقَتِهِ فِي الْغَفْلَةِ عَنْ رَبِّهِ وَالْكُفْرِ بِهِ، كَأَنَّ الْحَالَ لَمْ تَتَغَيَّرْ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ، وَلَمْ نَكْشِفْ عَنْهُ ضُرَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ أَيْ كَهَذَا النَّحْوِ مِنْ مَعْرِفَةِ اللهِ وَالْإِخْلَاصِ فِي دُعَائِهِ وَحْدَهُ فِي الشِّدَّةِ، وَنِسْيَانِهِ وَالْكُفْرِ بِهِ بَعْدَ كَشْفِهَا، زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مِنْ طُغَاةِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ مِنْ أَعْمَالِ الشِّرْكِ، حَتَّى بَلَغَ مِنْ عِنَادِهِمْ لِلرَّسُولِ وَاسْتِهْزَائِهِمْ بِمَا أَنْذَرَهُمْ مِنْ عَذَابٍ أَنِ اسْتَعْجَلُوهُ بِالْعَذَابِ ؛ وَالْإِسْرَافُ رَدِيفُ الطُّغْيَانِ وَأَخُوهُ، وَسَيَأْتِي مِثْلُ هَذِهِ الْآيَةِ بَعْدَ عَشْرِ آيَاتٍ بِبَيَانٍ أَبْلَغَ.


الصفحة التالية
Icon