وانتفاء الكون هنا هو كقوله تعالى :﴿ ما كان لكم أن تنبتوا شجرها ﴾ أي يستحيل ذلك.
ويحتمل أن يكون التبديل في الذات على أن يلحظ في قوله : ائت بقرآن غير هذا، إبقاء هذا القرآن ويؤتى بقرآن غيره، فيكون أو بدله بمعنى أزله بالكلية وائت ببدله، فيكون المطلوب أحد أمرين : إما إزالته بالكلية وهو التبديل في الذات، أو الإتيان بغيره مع بقائه فيحصل التغاير بين المطلوبين.
وتلقاء مصدر البنيان، ولم يجيء مصدر على تفعال غيرهما، ويستعمل ظرفاً للمقابلة تقول : زيد تلقاءك.
وقرىء بفتح التاء، وهو قياس المصادر التي للمبالغة كالتطواف والتجوال والترداد والمعنى : من قبل نفسي أن أتبع فيما آمركم به وما أنهاكم عنه من غير زيادة ولا نقصان، ولا تبديل إلا ما يجيئني خبره من السماء.
واستدل بقوله : إنْ أتبع إلا ما يوحى إليّ على نفي الحكم بالاجتهاد، وعلى نفي القياس، وإنما قالوا : ائت بقرآن غير هذا أو بدله، لأنهم كانوا لا يعترفون بأنّ القرآن معجز، أو إن كانوا عاجزين عن الإتيان بمثله.
ألا ترى إلى قولهم : لو نشاء لقلنا مثل هذا وقولهم :﴿ افترى على الله كذباً ﴾ ولا يمكن أن يريدوا إئت بقرآن غير هذا أو بدله من جهة الوحي لقوله : إني أخاف.
قال الزمخشري :( فإن قلت ) : فما كان غرضهم وهم أدهى الناس وأمكرهم في هذا الاقتراح؟ ( قلت ) : المكر والكيد.
أما اقتراح إبدال قرآن بقرآن ففيه إنه من عندك، وإنك لقادر على مثله، فأبدل مكانه آخر.
وأما اقتراح التبديل والتغيير فللطمع ولاختبار الحال، وأنه إن وجد منه تبديل فإما أن يهلكه الله فننجو منه، أو لا يهلكه فيسخروا منه، ويجعلوا التبديل حجة عليه وتصحيحاً لافترائه على الله تعالى انتهى.
وإن عصيت بالتبديل من تلقاء نفسي، وتقدم اتباع الوحي، وتركي العمل به، وهو شرط جوابه محذوف دل عليه ما قبله.
واليوم العظيم : هو يوم القيامة، ووصف بالعظم لطوله، أو لكثرة شدائده، أو للمجموع.