وقال أبو السعود :
﴿ وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ ﴾
التفاتٌ من خطابهم إلى الغَيبة إعراضاً عنهم وتوجيهاً للخطاب إلى رسول الله ﷺ بتعديد جناياتِهم المضادةِ لما أريد منهم بالاستخلاف، من تكذيب الرسولِ والكفر بالآيات البيناتِ وغيرِ ذلك كدأب مَنْ قبلهم من القرون المهلَكة، وصيغةُ المضارعِ للدِلالة على تجدد جوابِهم الآتي حسبَ تحددِ التلاوة ﴿ ءاياتنا ﴾ الدالةُ على حقية التوحيدِ وبُطلانِ الشركِ، والإضافةُ لتشريف المضافِ والترغيبِ في الإيمان به والترهيبِ عن تكذيبه ﴿ بينات ﴾ حالَ كونِها واضحاتِ الدِلالةِ على ذلك، وإيرادُ فعل التلاوةِ مبنياً للمفعول مسنداً إلى الآيات دون رسولِ الله ﷺ ببنائه للفاعل للإشعار بعدمِ الحاجةِ لتعيّن التالي وللإيذان بأن كلامَهم في نفس المتلوِّدون التالي ﴿ قَالَ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ﴾ وضعَ الموصولُ موضعَ الضميرِ إشعاراً بعلّية ما في حيز الصلةِ العظيمةِ المحكيةِ عنهم وأنهم إنما اجترءوا عليها لعدم خوفِهم من عقابه تعالى يوم اللقاءِ لإنكارهم له ولما هو من مباديه من البعث وذماً لهم بذلك أي قالوا لمن يتلوها عليهم وهو رسولُ الله ﷺ وإنما لم يذكر إيذاناً بتعينه ﴿ ائت بِقُرْ أن غَيْرِ هذا ﴾ أشاروا بهذا إلى القرآنِ المشتملِ على تلك الآياتِ لا إلى نفسها فقط قصداً إلى إخراج الكلِّ من البين أي ائت بكتاب آخرَ نقرؤه ليس فيه ما نستبعده من البعث والحسابِ والجزاءِ وما نكرهه من ذم آلهتِنا ومعايبِها والوعيدِ على عبادتها ﴿ أَوْ بَدّلْهُ ﴾ بتغيير ترتيبِه بأن تجعلَ مكانَ الآيةِ المشتملةِ على ذلك آيةً آخرى خاليةً عنها وإنما قالوه كيداً وطمعاً في المساعدة ليتوسلوا به إلى الإلزام والاستهزاء به ﴿ قُلْ ﴾ لهم ﴿ مَا يَكُونُ لِى ﴾ أي ما يصح وما يستقيم لي ولا يمكنني أصلاً ﴿ أَنْ أُبَدّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِى ﴾ أي من قبل نفسي وهو مصدرٌ استعمل ظرفاً، وقرىء بفتح التاءِ وقصر الجواب