وذلك بحمل التبديل فيه على ما يعم تبديل ذات بذات أخرى كبدلت الدنانير دراهم وهو الذي أشاروا إليه بقولهم :﴿ ائت بِقُرْ إن غَيْرِ هذا ﴾ وتبديل صفة بصفة أخرى كبدلت الخاتم حلقة وهو الذي أشاروا إليه بقولهم :﴿ أَوْ بَدّلْهُ ﴾.
وأورد عليه بأن تقييد التبديل بقوله سبحانه :﴿ مِن تِلْقَاء نَفْسِى ﴾ يمنع حمله على الأعم لأنه يشعر بأن ذلك مقدور له ﷺ ولكن لا يفعله بغير إذنه تعالى والتبديل الذي أشاروا إليه أولاً غير مقدور له عليه الصلاة والسلام حتى أن المقترحين يعلمون استحالة ذلك لكن اقترحوه لما مر وقالوا : لو شئنا لقلنا مثل هذا مكابرة وعناداً، ثم أن الظاهر أنهم اقترحوا التبديل والإتيان بطريق الافتراء قيل : لا مساغ للقول بأنهم اقترحوا ذلك من جهة الوحي فكأنهم قالوا : ائت بقرآن غير هذا أو بدله من جهة الوحي كما أتيت بالقرآن من جهته ويكون معنى قوله :﴿ مَا يَكُونُ لِى ﴾ الخ ما يتسهل لي ولا يمكنني أن أبدله لما في الكشاف من أن قوله :﴿ إِنّى أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبّى ﴾ يرد ذلك، ووجه بأنهم لم يطلبوا ما هو عصيان على هذا التقدير حتى يقول في جوابهم ما ذكر، ونظر فيه بأن الطلب من غير اذن عصيان فإن لم يحمل ما يتسهل لي على أن ذلك لكونه غير مأذون كان الجواب غير مطابق لسؤالهم لأن السؤال عن تبديل من الله تعالى وهو عليه الصلاة والسلام قال : لا يمكنني التبديل من تلقاء نفسي في الجواب وإن حمل عليه فالعصيان أيضاً منزل عليه، وأجيب بأن صاحب الكشاف حمل ﴿ مَّا يَكُونُ ﴾ على أنه لا يمكن ولا يتسهل والعصيان يقع على الممكن المقدور لا أنهم طلبوا ما هو عصيان أو ليس والمطابقة حاصلة بل أشدها لأن الحاصل أما التبديل من تلقاء نفسي فغير ممكن وأما من قبل الوحي فأنا تابع غير متبوع.
نعم لا ينكر أنه يمكن أن يأتي وجه آخر بأن يحمل على أنه لا يحل لي ذلك دون إذن وصاحب الكشاف لم ينفه.