وقال الثعلبى :
﴿ إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ ﴾
فيه إضمار واختصار أي يهديهم ربهم بإيمانهم إلى مكان ﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأنهار ﴾ قال أبو روق : يهديهم ربهم بإيمانهم إلى الجنة، قال عطية : يهديهم ويثيبهم ويجزيهم، وقيل ينجيهم.
مجاهد ومقاتل : يهديهم بالنور على الصراط إلى الجنة يجعل لهم نوراً يمشون به. قال النبي ﷺ :" إن المؤمن إذا خرج من قبره صوّر له عمله في صورة [ حسنة وبشارة حسنة ] فيقول له. من أنت فو الله أني لأراك أمرء صدق؟ فيقول له : أنا عملك، فيكون له نوراً وقائداً إلى الجنة، والكافر إذا خرج من قبره صوّر له عمله في صورة سيئة وريح منتنة فيقول : من أنت فوالله إني لأراك امرء سوء؟ فيقول : أنا عملك فينطلق به حتى يدخله النار. "
وقيل : معنى الآية : بإيمانهم يهديهم ربهم لدينه أي بتصديقهم هداهم تجري من تحتهم الأنهار لم يرد أنها تجري تحتهم وهم فوقها، لأن أنهار الجنة تجري من غير أخاديد. وإنما معناه أنها تجري من دونهم وبين أيديهم وتحت أمرهم كقوله تعالى :﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٤ ] ومعلوم أنه لم يجعل السري تحتها وهي عليه قاعدة وإنما أراد به بين يديها، وكقوله تعالى مخبراً عن فرعون :﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وهذه الأنهار تَجْرِي مِن تحتي ﴾ [ الزخرف : ٥١ ]، أو من دوني وتحت أمري ﴿ فِي جَنَّاتِ النعيم ﴾. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٥ صـ ﴾