وعيسى عليهما السلام، ومعنى إنزالها عليه إظهار الله تعالى لها على يده ﷺ، وطلبوا ذلك تعنتاً وعناداً وإلا فقد أتى ﷺ بآيات ظاهرة ومعجزات باهرة تعلو على جميع الآيات وتفوق سائر المعجزات لا سيما القرآن العظيم الباقي إعجازه على وجه الدهر إلى يوم القيامة، ولعمري لو أنصفوا لاستغنوا عن كل آية غيره عليه الصلاة والسلام فإنه الآية الكبرى ومن رآه وسبر أحواله لم يكد يشك في أنه رسول الله ﷺ ﴿ فَقُلْ ﴾ لهم في الجواب ﴿ إِنَّمَا الغيب للَّهِ فانتظروا إِنّى مَعَكُمْ مّنَ المنتظرين ﴾ وهو جواب على ما قرره الطيبي على الأسلوب الحكيم فإنهم حين طلبوا ما طلبوا مع وجود الآيات المتكاثرة دل على أن سؤالهم للتعنت كما علمت آنفاً فأجيبوا بما أجيبوا ليؤذن بأن سؤالهم سؤال المقترحين يستحقون به نقمة الله تعالى وحلول عقابه، يعني أنه لا بد أن يستأصل شأفتكم لكن لا أعلم متى يكون وأنتم كذلك لأن ذلك من الغيب وهو مختص به تعالى لا يعلمه أحد غيره جل شأنه وإذا كان كذلك فانتظروا ما يوجبه اقتراحكم إني معكم من المنتظرين إياه، وقيل : إن المراد أنه تعالى هو المختص بعلم الغيب والصارف عن إنزال الآيات المقترحة أمر مغيب فلا يعلمه إلا هو، واعترض عليه بأنه معين وهو عنادهم قال تعالى :﴿ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ [ الأنعام : ١٠٩ ].
( وأجيب بأنا لا نسلم أن عنادهم هو الصارف وقد يجاب المعاند والآية وإن دلت على بقائهم على العناد وإن جاءت لم تدل على أن العناد هو الصارف.


الصفحة التالية
Icon