وجاز هذا البدل لأنّ الألف والهمزة من واد واحد، ولذلك إذا حركت الألف انقلبت همزة كما قالوا في العالم العألم، وفي المشتاق المشتأق.
والوجه الثاني : أن الهمزة أصل وهو من الدرء، وهو الدفع يقال : درأته دفعته، كما قال :﴿ ويدرأ عنها العذاب ﴾ ودرأته جعلته دارئاً، والمعنى : ولأجعلنكم بتلاوته خصماء تدرؤونني بالجدال وتكذبونني.
وزعم أبو الفتح إنما هي أدريتكم، فقلب الياء ألفاً لا نفتاح ما قبلها، وهي لغة لعقيل حكاها قطرب يقولون في أعطيتك : أعطأتك.
وقال أبو حاتم : قلب الحسن الياء ألفاً كما في لغة بني الحرث بن كعب السلام علاك، قيل : ثم همز على لغة من قال في العالم العألم.
وقرأ شهر بن خوشب والأعمش، ولا أندرتكم به بالنون والذال من الإنذار، وكذا هي في حرف ابن مسعود، ونبّه على أنّ ذلك وحي من الله تعالى بإقامته فيهم عمراً وهو أربعون سنة من قبل ظهور القرآن على لساني يافعاً وكهلاً، لم تجربوني في كذب، ولا تعاطيت شيئاً من هذا، ولا عانيت اشتغالاً، فكيف أتهم باختلاقه؟ أفلا تعقلون أنّ من كان بهذه الطريقة من مكثه الأزمان الطويلة من غير تعلم، ولا تتلمذ، ولا مطالعة كتاب، ولا مراس جدال، ثم أتى بما ليس يمكن أن يأتي به أحد، ولا يكون إلا محقاً فيما أتى به مبلغاً عن ربه ما أوحى إليه وما اختصه به؟ كما جاء في حديث هرقل :" هل جربتم عليه كذباً؟ قال : لا فقال : لم يكن ليدع الكذب على الخلق ويكذب على الله ".
وأدغم ثاء لبثت أبو عمرو، وأظهرها باقي السبعة.
وقرأ الأعمش : عمراً بإسكان الميم، والظاهر وعود الضمير في من قبله على القرآن.
وأجاز الكرماني أنْ يعود على التلاوة، وعلى النزول، وعلى الوقت يعني : وقت نزوله. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٥ صـ ﴾