وقال ابن عاشور :
﴿ وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ﴾
عطف على جملة :﴿ ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ﴾ [ يونس : ١٨ ]، فبعد أن ذكر افتراءهم في جانب الإلهية نفى بهتانهم في جانب النبوءة.
والضمير في ﴿ عليه ﴾ عائد للنبيء ﷺ وإن لم يجر له ذكر قبل ذلك في الآية، فإن معرفة المراد من الضمير مغنية عن ذكر المعاد.
وقد كان ذكر النبي ﷺ بينهم في نواديهم ومناجاتهم في أيام مُقامه بينهم بعد البعثة هو شغلهم الشاغل لهم، قد أجرى في كلامهم ضمير الغيبة بدون سبق معاد، علم المتخاطبون أنه المقصود.
ونظير هذا كثير في القرآن.
و( لولا ) في قوله :﴿ لولا أنزل عليه آية من ربه ﴾ حرف تحْضيض، وشأن التحْضيض أن يواجه به المحضض لأن التحضيضَ من الطلب وشأنُ الطلب أن يواجَه به المطلوب، ولذلك كان تعلق فعل الإنزال بضمير الغائب في هذه الآية مُؤولاً بأحد وجهين:
إما أن يكون التفاتاً، وأصل الكلام : لولا أنزل عليكَ، وهو من حكاية القول بالمعنى كقوله تعالى :﴿ قل لعبادي الذين آمنوا يُقيموا الصلاة ﴾ [ إبراهيم : ٣١ ] أي قل لهم أقيموا، ونكتة ذلك نكتة الالتفات لتجديد نشاط السامع.
وإما أن يكون هذا القول صدر منهم فيما بينهم ليبين بعضُهم لبعض شبهة على انتفاء رسالة محمد ﷺ أو صدر منهم للمسلمين طمعاً في أن يردوهم إلى الكفر.
والآيةُ : علامة الصدق.