فصل
قال الفخر :
﴿ وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آَيَاتِنَا ﴾
في الآية مسائل :
المسألة الأولى :
اعلم أن القوم لما طلبوا من رسول الله ﷺ آية أخرى سوى القرآن، وأجاب الجواب الذي قررناه وهو قوله :﴿إِنَّمَا الغيب للَّهِ﴾ [ يونس : ٢٠ ] ذكر جواباً آخر وهو المذكور في هذه الآية، وتقريره من وجهين :
الوجه الأول : أنه تعالى بين في هذه الآية أن عادة هؤلاء الأقوام المكر واللجاج والعناد وعدم الإنصاف، وإذا كانوا كذلك فبتقدير أن يعطوا ما سألوه من إنزال معجزات أخرى، فإنهم لا يؤمنون بل يبقون على كفرهم وجهلهم، فنفتقر ههنا إلى بيان أمرين : إلى بيان أن عادة هؤلاء الأقوام المكر واللجاج والعناد، ثم إلى بيان أنه متى كان الأمر كذلك لم يكن في إظهار سائر المعجزات فائدة.
أما المقام الأول : فتقريره أنه روي أن الله تعالى سلط القحط على أهل مكة سبع سنين ثم رحمهم، وأنزل الأمطار النافعة على أراضيهم، ثم إنهم أضافوا تلك المنافع الجليلة إلى الأصنام وإلى الأنواء، وعلى التقديرين فهو مقابلة للنعمة بالكفران.
فقوله :﴿وَإِذَا أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً﴾ المراد منه تلك الأمطار النافعة.
وقوله :﴿مّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ﴾ المراد منه ذلك القحط الشديد.
وقوله :﴿إِذَا لهم مكر في آياتنا﴾ المراد منه إضافتهم تلك المنافع الجليلة إلى الأنواء والكواكب أو إلى الأصنام.