﴿ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً ﴾ تعليلٌ للملازمة المستلزِمةِ لكون تلاوتِه بمشيئة الله تعالى وأمره حسبما بيّن آنفاً، لكن لا بطريق الاستدلالِ عليها بعدم تلاوتِه عليه الصلاة والسلام فيما سبق بسبب مشيئتِه تعالى إياه بل بطريق الاستشهادِ عليها بما شاهدوا منه عليه الصلاة والسلام في تلك المدةِ الطويلةِ من الأمور الدالةِ على استحالة كونِ التلاوةِ من جهته عليه الصلاة والسلام بلا وحيٍ، وعمراً نُصب على التشبيه بظرف الزمانِ، والمعنى قد أقمتُ فيما بينكم دهراً مديداً مقدارَ أربعين سنةً تحفظون تفاصيلَ أحوالي طرّاً وتحيطون بما لديّ خبراً ﴿ مِن قَبْلِهِ ﴾ أي من قبل نزولِ القرآن لا أتعاطى شيئاً مما يتعلق به لا من حيث نظمه المعجز ولا من حيث معناه الكاشفُ عن أسرار الحقائقِ وأحكامِ الشرائع ﴿ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ أي ألا تلاحِظون ذلك فلا تعقلون امتناعَ صدورِه عن مثلي، ووجوبَ كونِه منزلاً من عند الله العزيز الحكيم فإنه غيرُ خافٍ على من له عقلٌ سليمٌ.


الصفحة التالية
Icon