وقال ابن عطية :
﴿ فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾
﴿ يبغون ﴾ : أي يفسدون ويكفرون، والبغي : التعدي والأعمال الفاسدة، ووكد ذلك بقوله :﴿ بغير الحق ﴾ ثم ابتدأ بالرجز وذم البغي في أوجز لفظ، وقوله " متاعُ الحياة " رفع، وهذه قراءة الجمهور وذلك على خبر الابتداء، والمبتدأ ﴿ بغيكم ﴾، ويصح أن يرتفع ﴿ متاع ﴾ على خبر ابتداء مضمر تقديره ذلك متاع أو هو متاع، وخبر " البغي " قوله ﴿ على أنفسكم ﴾، وقرأ حفص عن عاصم وهارون عن أبي كثير وابن أبي إسحاق :" متاعَ " بالنصب وهو مصدر في موضع الحال من " البغي " وخبر البغي على هذا محذوف تقديره : مذموم أو مكروه ونحو هذا، ولا يجوز أن يكون الخبر قوله ﴿ على أنفسكم ﴾ لأنه كان يحول بين المصدر وما عمل فيه بأجنبي، ويصح أن ينتصب ﴿ متاع ﴾ بفعل مضمر تقديره : تمتعون متاع الحياة الدنيا، وقرأ ابن أبي إسحاق. " متاعاً الحياةَ الدنيا " بالنصب فيهما، ومعنى الآية إنما بغيكم وإفسادكم مضر لكم وهو في حالة الدنيا ثم تلقون عقابه في الآخرة، قال سفيان بن عيينة :﴿ إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ﴾ أي تعجل لكم عقوبته في الحياة الدنيا، وعلى هذا قالوا : البغي يصرع أهله.
قال القاضي أبو محمد : وقالوا : الباغي مصروع، قال الله تعالى ﴿ ثم بغي عليه لينصرنه الله ﴾ [ الحج : ٦٠ ] وقال النبي ﷺ :" ما من ذنب أسرع عقوبة من بغي " وقرأت فرقة " فننبئكم " على ضمير المعظم المتكلم وقرأت فرقة :" فينبئكم "، على ضمير الغائب، والمراد الله عز وجل. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾