وقال أبو حيان :
﴿ فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾
قال ابن عباس : يبغون بالدعاء إلى عبادة غير الله والعمل بالمعاصي والفساد.
قال الزمخشري :( فإن قلت ) : ما معنى قوله بغير الحق، والبغي لا يكون بحق؟ ( قلت ) : بلى وهو استيلاء المسلمين على أرض الكفرة، وهدم دورهم، وإحراق زروعهم، وقطع أشجارهم كما فعل رسول الله ( ﷺ ) ببني قريظة انتهى.
وكأنه قد شرح قوله : يبغون بأنهم يفسدون، ويبعثون مترقين في ذلك ممعنين فيه من بغي الجرح إذا ترقى للفساد انتهى.
قال الزجاج : البغي الترقي في الفساد.
وقال الأصمعي : بغي الجرح ترقي إلى الفساد، وبغت المرأة فجرت انتهى.
ولا يصح أن يقال في المسلمين إنهم باغون على الكفرة، إلا إن ذكر أنّ أصل البغي هو الطلب مطلقاً ولا يتضمن الفساد، فحينئذ ينقسم إلى طلب بحق، وطلب بغير حق.
ولما حمل ابن عطية البغي هنا على الفساد قال : أكد ذلك بقوله بغير الحق.
وجواب لما إذا الفجائية وما بعدها، ومجيء إذا وما بعدها جواباً لها دليل على أنها حرف يترتب ما بعدها من الجواب على ما قبله من الفعل الذي بعد لمّا، وأنها تفيد الترتب والتعليق في المضي، وأنها كما قال سيبويه : حرف.
ومذهب غيره أنها ظرف، وقد أوضحنا ذلك فيما كتبناه في علم النحو.
والجواب بإذا الفجائية دليل على أنه لم يتأخر بغيهم عن إنجائهم، بل بنفس ما وقع الإنجاء وقع البغي، والخطاب بيا أيها الناس، قال الجمهور : لأهل مكة.
والذي يظهر أنه خطاب لأولئك الذين أنجاهم الله وبغوا، ويحتمل كما قالوا : العموم، فيندرج أولئك فيهم، وهذا ذمّ للبغي في أوجز لفظ.
ومعنى على أنفسكم.
وبال البغي عليكم، ولا يجني ثمرته إلا أنتم.
فقوله : على أنفسكم، خبر للمبتدأ الذي هو بغيكم، فيتعلق بمحذوف.