اعلم أن المفسرين قرروا وجهاً واحداً، وهو أن المراد من نفي علم الله تعالى بذلك تقرير نفيه في نفسه، وبيان أنه لا وجود له ألبتة، وذلك لأنه لو كان موجوداً لكان معلوماً لله تعالى، وحيث لم يكن معلوماً لله تعالى وجب أن لا يكون موجوداً، ومثل هذا الكلام مشهور في العرف، فإن الإنسان إذا أراد نفي شيء عن نفسه يقول : ما علم الله هذا مني، ومقصوده أنه ما حصل ذلك قط، وقرىء ﴿أَتُنَبّئُونَ﴾ بالتخفيف أما قوله :﴿سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ فالمقصود تنزيه الله تعالى نفسه عن ذلك الشرك، قرأ حمزة والكسائي ﴿تُشْرِكُونَ﴾ بالتاء، ومثله في أول النحل في موضعين، وفي الروم كلها بالتاء على الخطاب، قال صاحب "الكشاف" "ما" موصولة أو مصدرية أي عن الشركاء الذين يشركونهم به أو عن إشراكهم، قال الواحدي : من قرأ بالتاء فلقوله :﴿أَتُنَبّئُونَ الله﴾ ومن قرأ بالياء فكأنه قيل للنبي ﷺ أنت ﴿سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ ويجوز أن يكون الله سبحانه هو الذي نزه نفسه عما قالوه فقال :﴿سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٧ صـ ٤٨ ـ ٥٠﴾