وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ ﴾
يريد الأصنام.
﴿ وَيَقُولُونَ هؤلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ الله ﴾ وهذه غاية الجهالة منهم ؛ حيث ينتظرون الشفاعة في المآل ممن لا يوجد منه نفع ولا ضر في الحال.
وقيل :"شُفَعَاؤُنَا" أي تشفع لنا عند الله في إصلاح معائشنا في الدنيا.
﴿ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ الله بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السماوات وَلاَ فِي الأرض ﴾ قراءة العامة "تنبئون" بالتشديد.
وقرأ أبو السَّمَّال العَدَوِيّ "أتنبِئون الله" مخففاً، من أنبأ ينبىء.
وقراءة العامة من نبّأ ينبىء تنبئة ؛ وهما بمعنًى واحد، جمَعهما قوله تعالى :﴿ مَنْ أَنبَأَكَ هذا قَالَ نَبَّأَنِيَ العليم الخبير ﴾ [ التحريم : ٣ ] أي أتخبرون الله أن له شريكاً في ملكه أو شفيعاً بغير إذنه، والله لا يعلم لنفسه شريكاً في السموات ولا في الأرض ؛ لأنه لا شريك له فلذلك لا يعلمه.
نظيره قوله :﴿ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي الأرض ﴾ [ الرعد : ٣٣ ] ثم نزّه نفسه وقدّسها عن الشرك فقال :﴿ سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ أي هو أعظم من أن يكون له شريك.
وقيل : المعنى أي يعبدون ما لا يسمع ولا يبصر ولا يمَيِّز "وَيَقُولُونَ هَؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ" فيكذبون ؛ وهل يتهيأ لكم أن تنبئوه بما لا يعلم، سبحانه وتعالى عما يشركون!.
وقرأ حمزة والكسائي "تشركون" بالتاء، وهو اختيار أبي عبيد.
الباقون بالياء. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon