يوم يأتي الناس بالحجج.. وقال القاضي : إن قوله :﴿والذين كَسَبُواْ السيئات﴾ عام يتناول الكافر والفاسق.
إلا أنا نقول : الصيغة وإن كانت عامة إلا أن الدلائل التي ذكرناها تخصصه :
المسألة الرابعة :
قال الفراء : في قوله :﴿جَزَاء سَيّئَةٍ بِمِثْلِهَا﴾ وجهان : الأول : أن يكون التقدير : فلهم جزاء السيئة بمثلها، كما قال :﴿فَفِدْيَةٌ مّن صِيَامٍ﴾ [ البقرة : ١٩٦ ] أي فعليه.
والثاني : أن يعلق الجزاء بالباء في قوله :﴿بِمِثْلِهَا﴾ قال ابن الأنباري : وعلى هذا التقدير الثاني فلا بد من عائد الموصول.
والتقدير : فجزاء سيئة منهم بمثلها.
أما قوله :﴿وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ﴾ فهو معطوف على يجازي، لأن قوله :﴿جَزَاء سَيّئَةٍ بِمِثْلِهَا﴾ تقديره : يجازي سيئة بمثلها، وقرىء ﴿وَلاَ ذِلَّةٌ﴾ بالياء.
أما قوله تعالى :﴿كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلماً﴾ ففيه مسائل :
المسألة الأولى :
﴿أُغْشِيَتْ﴾ أي ألبست ﴿وُجُوهُهُمْ قِطَعًا﴾ قرأ ابن كثير والكسائي ﴿قِطَعًا﴾ بسكون الطاء، وقرأ الباقون بفتح الطاء، والقطع بسكون القطعة.
وهي البعض، ومنه قوله تعالى ﴿فأسر بأهلك بقطع من الليل﴾ [ هود : ٨١ ] أي قطعة.
وأما قطع بفتح الطاء، فهو جمع قطعة، ومعنى الآية : وصف وجوههم بالسواد، حتى كأنها ألبست سواداً من الليل، كقوله تعالى :﴿تَرَى الذين كَذَبُواْ عَلَى الله وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ﴾ [ الزمر : ٦٠ ] وكقوله :﴿فَأَمَّا الذين اسودت وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إيمانكم﴾ [ آل عمران : ١٠٦ ] وكقوله :﴿يُعْرَفُ المجرمون بسيماهم﴾ [ الرحمن : ٤١ ] وتلك العلامة هي سواد الوجه وزرقة العين.
المسألة الثانية :
قوله :﴿مُظْلِماً﴾ قال الفراء والزجاج : هو نعت لقوله :﴿قِطَعًا﴾ وقال أبو علي الفارسي : ويجوز أن يجعل حالاً كأنه قيل : أغشيت وجوههم قطعاً من الليل في حال ظلمته. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٧ صـ ٦٥ ـ ٦٦﴾