وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ والذين كسبوا السيئات ﴾
قال ابن عباس : عملوا الشرك.
﴿ جزاءُ سيِّئةٍ بمثلها ﴾ في الآية محذوف، وفي تقديره قولان :
أحدهما : أن فيها إضمار "لهم"، المعنى : لهم جزاءُ سيئة بمثلها، وأنشد ثعلب :
فإنْ سَأَل الوَاشُونَ عَنْه فَقُلْ لَهُم...
وَذَاكَ عَطَاءُ لِلوشَاةِ جَزِيْلُ
مُلِمٌّ بِلَيْلَى لمَّةً ثُمَّ إِنَّه...
لَهَاجِرُ لَيْلَى بَعْدَهَا فَمُطِيْلُ
أراد : هو مُلَمٌّ، وهذا قول الفراء.
والثاني : أن فيها إِضمار "منهم" المعنى : جزاء سيئة منهم بمثلها، تقول العرب : رأيت القوم صائم وقائم، أي : منهم صائم وقائم، أنشد الفراء :
حتَّى إِذَا مَا أَضَاءَ الصُّبْحُ في غَلَسٍ...
وَغُودِرَ البَقْل مَلْوِيٌ وَمَحْصُودُ
أي : منه ملوي، وهذا قول ابن الأنباري.
وقال بعضهم : الباء زائدة هاهنا، و "من" في قوله :﴿ من عاصم ﴾ صلة، والعاصم : المانع.
﴿ كأنما أغشيت وجوههم ﴾ أي : أُلبست ﴿ قطعاً ﴾ قرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وأبو عمرو، وحمزة :"قِطَعَاً" مفتوحة الطاء، وهي جمع قطعة.
وقرأ ابن كثير، والكسائي، ويعقوب :"قِطْعاً" بتسكين الطاء، قال ابن قتيبة : وهو اسم ما قُطع.
قال ابن جرير : وإِنما قال :"مُظلماً" ولم يقل :"مُظلمة" لأن المعنى : قطعاً من الليل المظلم، ثم حذفت الألف واللام من "المظلم"، فلما صار نكرة، وهو من نعت الليل، نُصب على القَطْعِ ؛ وقوم يسمُّون ما كان كذلك حالاً، وقوم قطعاً. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٤ صـ ﴾