البحث الأول : إنما أضاف الشركاء إليهم لوجوه : الأول : أنهم جعلوا نصيباً من أموالهم لتلك الأصنام، فصيروها شركاء لأنفسهم في تلك الأموال، فلهذا قال تعالى :﴿وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ﴾ الثاني : أنه يكفي في الإضافة أدنى تعلق، فلما كان الكفار هم الذين أثبتوا هذه الشركة، لا جرم حسنت إضافة الشركاء إليهم.
الثالث : أنه تعالى لما خاطب العابدين والمعبودين بقوله :﴿مَكَانَكُمْ﴾ صاروا شركاء في هذا الخطاب.
البحث الثاني : اختلفوا في المراد بهؤلاء الشركاء.
فقال بعضهم : هم الملائكة، واستشهدوا بقوله تعالى :﴿يَوْمٍ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ للملائكة أَهَؤُلاَء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ﴾ [ سبأ : ٤٠ ] ومنهم من قال : بل هي الأصنام، والدليل عليه : أن هذا الخطاب مشتمل على التهديد والوعيد، وذلك لا يليق بالملائكة المقربين، ثم اختلفوا في أن هذه الأصنام كيف ذكرت هذا الكلام.
فقال بعضهم : إن الله تعالى يخلق الحياة والعقل والنطق فيها، فلا جرم قدرت على ذكر هذا الكلام.
وقال آخرون إنه تعالى يخلق فيها الكلام من غير أن يخلق فيها الحياة حتى يسمع منها ذلك الكلام، وهو ضعيف، لأن ظاهر قوله :﴿وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ﴾ يقتضي أن يكون فاعل ذلك القول هم الشركاء.
فإن قيل : إذا أحياهم الله تعالى فهل يبقيهم أو يفنيهم ؟
قلنا : الكل محتمل ولا اعتراض على الله في شيء من أفعاله، وأحوال القيامة غير معلومة، إلا القليل الذي أخبر الله تعالى عنه في القرآن.
والقول الثالث : إن المراد بهؤلاء الشركاء، كل من عبد من دون الله تعالى، من صنم وشمس وقمر وأنسي وجني وملك.
البحث الثالث : هذا الخطاب لا شك أنه تهديد في حق العابدين، فهل يكون تهديداً في حق المعبودين ؟ أما المعتزلة : فإنهم قطعوا بأن ذلك لا يجوز.
قالوا : لأنه لا ذنب للمعبود، ومن لا ذنب له، فإنه يقبح من الله تعالى أن يوجه التخويف والتهديد والوعيد إليه.


الصفحة التالية
Icon