وقال الآلوسى :
﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ ﴾
كلام مستأنف مسوق لبيان بعض آخر من أحوالهم الفظيعة، وتأخيره في الذكر مع تقدمه في الوجود على بعض أحوالهم المحكية سابقاً كما قال بعض المحققين للإيذان باستقلال كل من السابق واللاحق بالاعتبار ولو روعي الترتيب الخارجي لعد الكل شيئاً واحداً ولذلك فصل عما قبله، وزعم الطبرسي أنه تعالى لما قدم ذكر الجزاء بين بهذا وقت ذلك، وعليه فالآية متصلة بما ذكر آنفاً لكن لا يخفى أن ذلك لم يخرج مخرج البيان، وأولى منه أن يقال : وجه اتصاله بما قبله أن فيه تأكيداً لقوله سبحانه :﴿ مَّا لَهُمْ مّنَ الله مِنْ عَاصِمٍ ﴾ [ يونس : ٢٧ ] من حيث دلالته على عدم نفع الشركاء لهم.
و﴿ يَوْمٍ ﴾ منصوب بفعل مقدر كذكرهم وخوفهم، وضمير ﴿ نَحْشُرُهُمْ ﴾ لكلا الفريقين من الذين أحسنوا الحسنى والذين كسبوا السيآت لأنه المتبادر من قوله تعالى :﴿ جَمِيعاً وَمَنْ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ ﴾ أي للمشركين من بينهم ولأن توبيخهم وتهديدهم على رؤوس الاشهاد أفظع، والأخبار بحشر الكل في تهويل اليوم ادخل، وإلى هذا ذهب القاضي البيضاوي وغيره، وكون مراده بالفريقين فريقي الكفار والمشركين خلاف الظاهر جداً.
وقيل : الضمير للفريق الثاني خاصة فيكون الذين أشركوا من وضع الموصول موضع الضمير.
والنكتة في تخصيص وصف إشراكهم في حيز الصلة من بين سائر ما اكتسبوه من السيئات ابتناء التوبيخ والتقريع عليه مع ما فيه من الإيذان بكونه معظم جناياتهم وعمدة سيئاتهم، وهو السر في الاظهار في مقام الإضمار على القول الأخير ﴿ مَكَانَكُمْ ﴾ ظرف متعلق بفعل حذف فسد هو مسده وهو مضاف إلى الكاف، والميم علامة الجمع أي الزموا مكانكم.
والمراد انتظروا حتى تنظروا ما يفعل بكم.
وعن أبي علي الفارسي أن مكان اسم فعل وحركته حركة بناء.