وقال ابن عاشور :
﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ ﴾
هذه الجملة معطوفة على جملة ﴿ والذين كسبوا السيئات ﴾ [ يونس : ٢٧ ] باعتبار كونها معطوفة على جملة ﴿ للذين أحسنوا الحسنى ﴾ [ يونس : ٢٦ ] فإنه لما ذكر في الجملتين السابقتين ما يختص به كل فريق من الفريقين من الجزاء وسماته جاءت هذه الجملة بإجماللِ حالةٍ جامعةٍ للفريقين ثم بتفصيل حَالة يمتاز بها المشركون ليحصل بذلك ذكر فظيع من أحوال الذين بلغوا الغاية في كسب السيئات، وهي سيئة الإشراك الذي هو أكبر الكبائر، وبذلك حصلت المناسبة مع الجملة التي قبلها المقتضية عطفها عليها.
والمقصود من الخبر هو ذكر حشرهم جميعاً، ثم ما يقع في ذلك الحشر من افتضاح الذين أشركوا، فكان مقتضى الظاهر أن يقال، ونحشرهم جميعاً.
وإنما زيد لفظ ﴿ يوم ﴾ في صدر الجملة لأن ذلك اليوم لما كان هو زمن الحشر وأعمالٍ عظيمة أريد التذكير به تهويلاً وموعظة.
وانتصاب ﴿ يوم نحشرهم ﴾ إما على المفعولية بتقدير : اذْكر، وإما على الظرفية لفعل مقدر يدل عليه قوله :﴿ ثم نقول للذين أشركوا مكانكم ﴾ والتقدير : ونقول للذين أشركوا مكانكم يوم نحشر الناس جميعاً.
وضمير ﴿ نحشرهم ﴾ للذين تقدم الكلام عليهم وهم الذين أحسنوا والذين كسبوا السيئات.
وقوله :﴿ جميعاً ﴾ حال من الضمير البارز في ﴿ نحشرهم ﴾ للتنصيص على إرادة عموم الضمير.
وذلك أن الحشر يعم الناس كلهم.
ومن نكت ذِكر حشر الجميع هُنا التنبيهُ على أن فظيعَ حال المشركين وافتضاحهم يكون بمرأى ومسمع من المؤمنين، فتكون السلامة من تلك الحالة زيادة في النعمة على المسلمين وتقوية في النكاية للمشركين.
والحشر : الجمع من أمكنة إلى مكان واحد.
وتقدم في قوله تعالى :﴿ وحشرنا عليهم كل شيء ﴾ في سورة [ الأنعام : ١١١ ].