وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ هُنَالِكَ ﴾
في موضع نصب على الظرف.
﴿ تَبْلُواْ ﴾ أي في ذلك الوقت.
"تبلو" أي تذوق.
وقال الكَلْبِيّ : تعلم.
مجاهد : تختبر.
﴿ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ ﴾ أي جزاء ما عملت وقدّمت.
وقيل : تسلم، أي تسلم ما عليها من الحقوق إلى أربابها بغير اختيارها.
وقرأ حمزة والكسائيّ "تتلو" أي تقرأ كل نفس كتابها الذي كُتب عليها.
وقيل :"تتلو" تتبع ؛ أي تتبع كل نفس ما قدّمت في الدنيا ؛ قاله السُّدِّي.
ومنه قول الشاعر :
إن المُرِيبَ يتبع المُرِيبَا...
كما رأيت الذِّيب يتلو الذِّيبا
قوله تعالى :﴿ وردوا إِلَى الله مَوْلاَهُمُ الحق ﴾ بالخفض على البدل أو الصفة.
ويجوز نصب الحق من ثلاث جهات ؛ يكون التقدير : وردوا حقاً، ثم جيء بالألف واللام.
ويجوز أن يكون التقدير : مولاهم حقاً لا ما يعبدون من دونه.
والوجه الثالث أن يكون مدحاً ؛ أي أعني الحق.
ويجوز أن يرفع "الحق"، ويكون المعنى مولاهم الحق على الابتداء والخبر، والقطع مما قبل لا ما يشركون من دونه.
ووصف نفسه سبحانه بالحق لأن الحق منه كما وصف نفسه بالعدل لأن العدل منه ؛ أي كل عدل وحق فمن قِبله، وقال ابن عباس :"مَوْلاَهُمُ بالْحَق" أي الذي يجازيهم بالحق.
﴿ وَضَلَّ عَنْهُمْ ﴾ أي بطل.
﴿ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾ "يفترون" في موضع رفع وهو بمعنى المصدر، أي افتراؤهم.
فإن قيل : كيف قال "وردوا إلى الله مولاهم الحق" وقد أخبر بأن الكافرين لا مولى لهم.
قيل : ليس بمولاهم في النصرة والمعونة، وهو مولى لهم في الرزق وإدرار النعم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٨ صـ ﴾