﴿ وَضَلَّ عَنْهُم ﴾ وضاع أي ظهر ضَياعُه وضلالُه لا أنه كان قبل ذلك غيرَ ضالٍ، أو ضل في اعتقادهم أيضاً ﴿ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾ من أن آلهتَهم تشفع لهم أو ما كانوا يدعون أنها آلهةٌ، هذا وجُعل الضميرُ في رُدوا للنفوسِ المدلولِ عليها بكل نفسٍ على أنه معطوفٌ على تبلو وأن العدولَ إلى الماضي للدِلالة على التحقق والتقرر، وأن إيثارَ صيغةِ الجمعِ للإيذان بأن ردّهم إلى الله يكون على طريقة الاجتماعِ لا يلائمه التعرُّض لوصف الحقيةِ في قوله تعالى :﴿ مولاهم الحق ﴾ فإنه للتعريض بالمردودين حسبما أشير إليه، ولئن اكتُفيَ فيه بالتعريض ببعضهم أو حُمل ( الحقِّ ) على معنى العدل في الثواب والعقاب فقوله عز وجل :﴿ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾ مما لا مجال فيه للتدارك قطعاً، فإن ما فيه من الضمائر الثلاثةِ للمشركين فليزم التفكيكُ حتماً وتخصيصُ ( كلُّ نفس ) بالنفوس المشتركةِ مع عموم البلوى للكل يأباه مقامُ تهويلِ المقام والله تعالى أعلم. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٤ صـ ﴾