وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ والله يدعوا إلى دَارِ السلام ﴾
لما ذكر وصف هذه الدار وهي دار الدنيا وصف الآخرة فقال : إن الله لا يدعوكم إلى جمع الدنيا بل يدعوكم إلى الطاعة لتصيروا إلى دار السلام، أي إلى الجنة.
قال قتادة والحسن : السلام هو الله، وداره الجنة ؛ وسميت الجنة دار السلام لأن من دخلها سلم من الآفات.
ومن أسمائه سبحانه "السلام"، وقد بيناه في ( الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى ).
ويأتي في سورة "الحشر" إن شاء الله.
وقيل : المعنى والله يدعو إلى دار السلامة.
والسلام والسلامة بمعنًى كالرضاع والرّضاعة ؛ قاله الزجاج.
قال الشاعر :
تُحَيي بالسلامة أُمُّ بكرٍ...
وهل لكِ بعد قومِك من سلام
وقيل : أراد والله يدعو إلى دار التحية ؛ لأن أهلها ينالون من الله التحية والسلام، وكذلك من الملائكة.
قال الحسن : إن السلام لا ينقطع عن أهل الجنة، وهو تحيتهم ؛ كما قال :﴿ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ ﴾.
وقال يحيى بن معاذ : يابن آدم، دعاك الله إلى دار السلام فانظر من أين تجيبه، فإن أجبته من دنياك دخلتها، وإن أجبته من قبرك مُنِعتَها.
وقال ابن عباس : الجِنان سبع : دار الجلال، ودار السلام، وجنة عدن، وجنة المأوى، وجنة الخلد، وجنة الفردوس، وجنة النعيم.
قوله تعالى :﴿ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ عمّ بالدعوة إظهاراً لحجته، وخصّ بالهداية استغناء عن خلقه.
والصراط المستقيم، قيل : كتاب الله ؛ رواه عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال :"سمعت رسول الله ﷺ يقول :" الصراط المستقيم كتاب الله تعالى " وقيل : الإسلام ؛ رواه النوّاس بن سمعان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقيل : الحق ؛ قاله قتادة ومجاهد.
وقيل : رسول الله ﷺ وصاحباه من بعده أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.


الصفحة التالية
Icon