ثم يعرض للأرض المتزينة به آفة، فيزول ذلك الحسن بالكلية، ثم تصير تلك الأرض موصوفة بتلك الزينة مرة أخرى.
فذكر هذا المثال ليدل عل أن من قدر على ذلك، كان قادراً على إعادة الأحياء في الآخرة ليجازيهم على أعمالهم، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
المسألة الثانية :
المثل : قول يشبه به حال الثاني بالأول، ويجوز أن يكون المراد من المثل الصفة.
والتقدير : إنما صفة الحياة الدنيا.
وأما قوله :﴿وازينت﴾ فقال الزجاج : يعني تزينت فأدغمت التاء في الزاي وسكنت الزاي فاجتلب لها ألف الوصل، وهذا مثل ما ذكرنا في قوله :﴿ادارأتم﴾ [ البقرة : ٧٢ ] ﴿اداركوا﴾ [ الأعراف : ٣٨ ].
وأما قوله :﴿وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا﴾ فقال ابن عباس رضي الله عنهما : يريد أن أهل تلك الأرض قادرون على حصادها وتحصيل ثمراتها.
والتحقيق أن الضمير وإن كان في الظاهر عائداً إلى الأرض، إلا أنه عائد إلى النبات الموجود في الأرض.
وأما قوله :﴿أَتَاهَا أَمْرُنَا﴾ فقال ابن عباس رضي الله عنهما : يريد عذابنا.
والتحقيق أن المعنى أتاها أمرنا بهلاكها.
وقوله :﴿فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا﴾ قال ابن عباس : لا شيء فيها، وقال الضحاك : يعني المحصود.
وعلى هذا، المراد بالحصيد الأرض التي حصد نبتها، ويجوز أن يكون المراد بالحصيد النبات، قال أبو عبيدة : الحصيد المستأصل، وقال غيره : الحصيد المقطوع والمقلوع.
وقوله :﴿كَأَن لَّمْ تَغْنَ بالامس﴾ قال الليث : يقال للشيء إذا فنى : كأن لم يغن بالأمس.
أي كأن لم يكن من قولهم غني القوم في دارهم، إذا أقاموا بها، وعلى هذا الوجه يكون هذا صفة للنبات.
وقال الزجاج : معناه : كأن لم تعمر بالأمس، وعلى هذا الوجه فالمراد هو الأرض، وقوله :﴿كذلك نُفَصّلُ الآيات﴾ أي نذكر واحدة منها بعد الأخرى، على الترتيب.
ليكون تواليها وكثرتها سبباً لقوة اليقين، وموجباً لزوال الشك والشبهة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٧ صـ ٥٩ ـ ٦٠﴾


الصفحة التالية
Icon