يفعل ما ذكر من الأفاعيل لا غيره ﴿ هذا ﴾ وربما يستدل بالآية على تقدير أن لا تكون ﴿ مِنْ ﴾ لابتداء الغاية على جواز أن يقال الله سبحانه انه من أهل السماء والأرض، وكون المراد هناك غير الله تعالى لا يناسب الجواب ومن لم ير الجواز تعني ومن رآه بناء على ظواهر الآيات المفيدة لكونه تعالى في السماء وقوله ﷺ في الجارية التي أشارت إلى السماء حين قيل لها.
اين الله؟ "أعتقها فإنها مؤمنة" وإقراره حصينا حين قال له عليه الصلاة والسلام :
" كم تعيديا حصين؟ فقال : سبعة ستة في الأرض وواحد في السماء فقال ﷺ : فمن الذي أعددته لرغبتك ورهبتك؟ فقال حصين : الاله الذي في السماء " أبقي الآية على ما يقتضيه ظاهرها.
وأنت تعلم إنه لم يرد صريحاً كونه تعالى من أهل السماء والأرض وان ورد كونه جل وعلا في السماء على المعنى اللاثق بجلاله جل جلاله فلا أرى جواز ذلك، ولا داعي لإخراج ﴿ مِنْ ﴾ عن ابتداء الغاية ليحتاج إلى العناية فر رد الاستدلال كما لا يخفى.
وفي الانتصاف أن هذه الآية كافحة لوجوه القدرية الزاعمين أن الارزاق منقسمة فمنها ما رزقه الله تعالى للعبد وهو الحلال ومنها ما رزقه العبد لنفسه وهو الحرام فهي ناعية عليهم هذا الشرك الخفي لو سمعوا ﴿ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصم وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ ﴾ [ يونس : ٤٢ ] وكذا فيما قيل تكفح في وجوه أناس يزعمون أن الذي يدبر الأمر في كل عصر قطبه وهو عماد السماء عندهم ولولاه لوقعت على الأرض فكؤني بك إذا سألتهم من يدبر الأمر يقولون القطب، وقد يعتذر عنهم بأن مرادهم أنه المدبر باذن الله تعالى وجاء اطلاق المدبر بهذا المعنى على غيره تعالى في قوله سبحانه :﴿ فالمدبرات أَمْراً ﴾ [ النازعات : ٥ ]


الصفحة التالية
Icon