فصل


قال الفخر :
﴿ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾
فيه مسائل :
المسألة الأولى :
اعلم أنا حين شرعنا في تفسير قوله تعالى :﴿وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ ءايَةٌ مّن رَّبّهِ﴾ [ بونس : ٢٠ ] ذكرنا أن القوم إنما ذكروا ذلك لاعتقادهم أن القرآن ليس بمعجز، وأن محمداً إنما يأتي به من عند نفسه على سبيل الافتعال والاختلاق، ثم إنه تعالى ذكر الجوابات الكثيرة عن هذا الكلام، وامتدت تلك البيانات على الترتيب الذي شرحناه وفصلناه إلى هذا الموضع، ثم إنه تعالى بين في هذا المقام أن إتيان محمد عليه السلام بهذا القرآن ليس على سبيل الافتراء على الله تعالى، ولكنه وحي نازل عليه من عند الله، ثم إنه تعالى احتج على صحة هذا الكلام بقوله :﴿أَمْ يَقُولُونَ افتراه قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مّثْلِهِ﴾ وذلك يدل على أنه معجز نازل عليه من عند الله تعالى، وأنه مبرأ عن الافتراء والافتعال فهذا هو الترتيب الصحيح في نظم هذه الآيات.
المسألة الثانية :
قوله تعالى :﴿وَمَا كَانَ هذا القرءان أَن يفترى﴾ فيه وجهان : الأول : أن قوله :﴿أَن يفترى﴾ في تقدير المصدر، والمعنى : وما كان هذا القرآن افتراء من دون الله، كما تقول : ما كان هذا الكلام إلا كذباً.
والثاني : أن يقال إن كلمة ﴿أن﴾ جاءت ههنا بمعنى اللام، والتقدير : ما كان هذا القرآن ليفترى من دون الله، كقوله :﴿وَمَا كَانَ المؤمنون لِيَنفِرُواْ كَافَّةً﴾ [ التوبة : ١٢٢ ] {مَّا كَانَ الله لِيَذَرَ المؤمنين...


الصفحة التالية
Icon