وقال أبو السعود :
﴿ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ ﴾
شروعٌ في بيان ردِّهم للقرآن الكريم إثرَ بيانِ ردهم للأدلة العقليةِ المندرجةِ في تضاعيفه، أي وما صح وما استقام أن يكون هذا القرآنُ المشحونُ بفنون الهداياتِ المستوجبةِ للاتّباع التي من جملتها هاتيك الحججُ البينةُ الناطقةُ بحقية التوحيدِ وبطلان الشرك ﴿ أَنٍ يُفْتَرَى مِن دُونِ الله ﴾ أي افتراءً من الخلق أي مفترىً منهم سُمّي بالمصدر مبالغة ﴿ ولكن تَصْدِيقَ الذى بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ من الكتب الإلهية المشهودِ على صدقها أي مصدّقاً لها كيف لا وهو لكونه معجزاً دونها عيارٌ عليها شاهدٌ بصحتها، ونصبُه بأنه خبرُ كان مقدراً وقد جوّز كونُه علةً لفعل محذوفٍ تقديرُه لكن أنزله الله تصديقَ الخ وقرىء بالرفع على تقدير المبتدإ أي ولكن هو تصديقُ الخ ﴿ وَتَفْصِيلَ الكتاب ﴾ عطفٌ عليه نصباً ورفعاً أي وتفصيلَ ما كُتب وأثبت من الحقائق والشرائع ﴿ لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾ خبرٌ ثالثٌ داخلٌ في حكم الاستدراكِ أي منتفياً عنه الريبُ أو حالٌ من الكتاب وإن كان مضافاً إليه فإنه مفعولٌ في المعنى أو استئنافٌ لا محلَّ له من الإعراب ﴿ مِن رَّبّ العالمين ﴾ خبرٌ آخرُ أي كائناً من رب العالمين، أو متعلقٌ بتصديق أو بتفصيل أو بالفعل المعللِ بهما، و ( لا ريب فيه ) اعتراضٌ كما في قولك : زيد لا شك فيه كريمٌ أو حالٌ من الكتاب أو من الضمير في فيه، ومساقُ الآية الكريمةِ بعد المنعِ عن اتباع الظنِّ لبيان ما يجب اتباعُه. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon