وقد تقدم عند قوله تعالى :﴿ قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم ﴾ في سورة [ الأنعام : ٤٦ ].
وإخراجُ الحي من الميت : هو تولد أطفال الحيوان من النطف ومن البَيْض ؛ فالنطفة أو البيضة تكون لا حياة فيها ثم تتطور إلى الشكل القابل للحياة ثم تكون فيها الحياة.
و( مِن ) في قوله : مِن الميت } للابتداء.
وإخراج الميت من الحي إخراج النطفةِ والبيضضِ من الحيوان.
والتعريف في ﴿ الحي ﴾ و ﴿ الميت ﴾ في المرتين تعريف الجنس.
وقد نظم هذا الاستدلال على ذلك الصنع العجيب بأسلوب الأحاجي والألغاز وجعل بمحسن التضاد، كل ذلك لزيادة التعجيب منه.
وقد تقدم الكلام على نظيره في قوله :﴿ وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي ﴾ في سورة [ آل عمران : ٢٧ ].
غير أن ما هنا ليس فيه رمز إلى شيء.
وقوله : ومن يدبر الأمر } تقدم القول في نظيره في أوائل هذه السورة.
وهو هنا تعميم بعد تخصيص ذكر ما فيه مزيد عبرة في أنفسهم كالعِبرة في قوله:
﴿ وفي أنفسكم أفلا تبصرون وفي السماء رزقكم وما توعدون ﴾ [ الذاريات : ٢١، ٢٢ ].
والفاء في قوله :﴿ فسيقولون الله ﴾ فاء السببية التي من شأنها أن تقترن بجواب الشرط إذا كان غير صالح لمباشرة أداة الشرط، وذلك أنه قصد تسبب قولهم :﴿ اللّهُ ﴾ على السؤال المأمور به النبيءُ عليه الصلاة والسلام، فنزل فعل ﴿ قل ﴾ منزلة الشرط فكأنه قيل : إن تَقل من يرزقكم من السماء والأرض فسيقولون الله، ومنه قوله تعالى :﴿ قل كونوا حجارة أو حديداً أو خلقاً مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا ﴾ [ الإسراء : ٥١، ٥٢ ].
وهذا الاستعمال نظير تنزيل الأمر من القول منزلة الشرط في جزم الفعل المقول بتنزيله منزلة جواب الشرط كقوله تعالى :﴿ قل لعباديَ الذين آمنوا يقيمُوا الصلاة ﴾ [ إبراهيم : ٣١ ] وقوله :﴿ وقل لعبادِي يقولوا التي هي أحسن ﴾ [ الإسراء : ٥٣ ].