﴿ مَنِ استطعتم ﴾ دعاءه والاستعانة به من آلهتكم التي تزعمون إنها ممدة لكم في المهمات والملمات والمداراة الذين تلجؤون إليهم في كل ما تأتون وتذرون ﴿ مِن دُونِ الله ﴾ متعلق بادعوا كما قيل و﴿ مِنْ ﴾ ابتدائية على معنى أن الدعاء مبتدأ من غيره تعالى لا ملابسة له معه جل شأنه بوجه، وجوز أن يكون متعلقاً بما عنده ومن بيانية أي ادعوا من استطعتم من خلقه ولا يخلو عن حسن.
وفائدة هذا القيد قيل : التنصيص على براءتهم منه تعالى وكونهم في عدوة المضادة والمشاقة، وليس المراد به إفادة استبداده تعالى بالقدرة على ما كلفوه فإن ذلك مما يوهم أنهم لو دعوه لأجابهم إليه، وقد يقال : لا بأس بإفادة ذلك لأن الاستبداد المذكور مما يؤيد المقصود وهو كون ما أتى به ﷺ لم يكن من عند نفسه بل هو منه تعالى، والإيهام مما لا يلتفت إليه فإن دعاءهم إياه تعالى بمعنى طلبهم منه سبحانه وتعالى أن يأتي بما كلفوه مستبداً به ممالا يكاد يتصور لأنه ينافي زعمهم السابق كما لا يخفى فتأمل ﴿ إِن كُنتُمْ صادقين ﴾ في أنى افتريته فإن ذلك مستلزم لإمكان الإتيان بمثله وهو أيضاً مستلزم لقدرتكم عليه وجواب ﴿ إن ﴾ محذوف لدلالة المذكور عليه، وفي هذه الآية دلالة على إعجاز القرآن لأنه عليه الصلاة والسلام تحدي مصاقع العرب بسورة ما منه فلم يأتوا بذلك وإلا لنقل إلينا لتوفر الدواعي إلى نقله.