وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَمِنهُمْ مَّن يُؤْمِنُ بِهِ ﴾ قيل : المراد أهل مكة، أي ومنهم من يؤمن به في المستقبل وإن طال تكذيبه ؛ لعلمه تعالى السابق فيهم أنهم من السعادة.
و"منْ" رفع بالابتداء والخبر في المجرور.
وكذا.
﴿ وَمِنْهُمْ مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ ﴾ والمعنى ومنهم من يُصِر على كفره حتى يموت ؛ كأبي طالب وأبي لهب ونحوهما.
وقيل : المراد أهل الكتاب.
وقيل : هو عام في جميع الكفار ؛ وهو الصحيح.
وقيل : إن الضمير في "به" يرجع إلى محمد ﷺ ؛ فأعلم الله سبحانه أنه إنما أخّر العقوبة لأن منهم من سيؤمِن.
﴿ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بالمفسدين ﴾ أي من يُصِرّ على كفره ؛ وهذا تهديد لهم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٨ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (٤٠) ﴾
الظاهر أنه إخبار بأنّ من كفار قريش من سيؤمن به وهو من سبقت له السعادة، ومنهم من لا يؤمن به فيوافى على الكفر.
وقيل : هو تقسيم في الكفار الباقين على كفرهم، فمنهم من يؤمن به باطناً ويعلم أنه حق ولكنه كذب عناداً، ومنهم من لا يؤمن به لا باطناً ولا ظاهراً، إما لسرعة تكذيبه وكونه لم يتدبره، وإما لكونه نظر فيه فعارضته الشبهات وليس عنده من الفهم ما يدفعها.
وفيه تفريق كلمة الكفار، وأنهم ليسوا مستوين في اعتقاداتهم، بل هم مضطربون وإن شملهم التكذيب والكفر.
وقيل : الضمير في ومنهم عائد على أهل الكتاب، والظاهر وعوده على من عاد عليه ضمير أم يقولون، وتعلق العلم بالمفسدين وحدهم تهديد عظيم لهم. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٥ صـ ﴾