أو يدعو السالكين إلى الجنة ويبدي المجذوبين إلى المشاهدة ﴿ لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ﴾ وهم خواص الخواص ﴿ الحسنى ﴾ وهي رؤية الله تعالى ﴿ وَزِيَادَةٌ ﴾ وهي دوام الرؤية، أو للذين جاؤا بما يحسن به حالهم من خير قلبي أو قالبي، المثوبة الحسنة من الكمال الذي يفاض عليهم وزيادة في استعداد قبول الخير إلى ما كانوا عليه قبل، وقد يقال : الحسنى ما يقتضيه قرب النوافل والزيادة ما يقتضيه قرب الفرائض ﴿ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ ﴾ أي لا يصيبهم غبار الخجالة ولا ذلك الفرقة ﴿ أُوْلَئِكَ أصحاب الجنة ﴾ التي تقتضيها أفعالهم ﴿ هُمْ فِيهَا خالدون ﴾ [ يونس : ٢٦ ] ثم ذكر سبحانه حال الذين أساءوا بقوله جل شأنه :﴿ والذين كَسَبُواْ ﴾ [ يونس : ٢٧ ] الخ وأشار إلى أنه على عكس حال أولئك الكرام ﴿ الظالمون وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ﴾ في المجمع الأكبر ﴿ ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ ﴾ منهم وهم المحجوبون الواقفون مع الغير بالمحبة والطاعة ﴿ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ ﴾ قفوا جميعاً وانتظروا الحكم ﴿ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ ﴾ أي قطعنا الأسباب التي كانت بينهم ﴿ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ ﴾ [ يونس : ٢٨ ] بل كنتم تعبدون أشياء اخترعتموها في أوهامكم الفاسدة ﴿ فكفى بالله شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لغافلين ﴾ [ يونس : ٢٩ ] لم نطلبها منكم لا بلسان حال ولا بلسان قال ﴿ هُنَالِكَ ﴾ أي في ذلك الموقف ﴿ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ ﴾ أي تذوق وتختبر ﴿ مَّا أَسْلَفَتْ ﴾ في الدنيا ﴿ وَرُدُّواْ إِلَى الله مولاهم الحق ﴾ المتولي لجزائهم بالعدل والقسط ﴿ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾ [ يونس : ٣٠ ] من اختراعاتهم وتوهماتهم الكاذبة وأمانيهم الباطلة.


الصفحة التالية
Icon