الخامسة قرأ أبو بكر عن عاصم "يِهِدّي" بكسر الياء والهاء وتشديد الدال، كل ذلك لإتباع الكسر الكسر كما تقدم في البقرة في ﴿ يَخْطَفُ ﴾ [ البقرة : ٢٠ ].
وقيل : هي لغة من قرأ "نِسْتَعِينُ" و ﴿ لَن تَمَسَّنَا النار ﴾ [ آل عمران : ٢٤ ] ونحوه.
وسيبويه لا يجيز "يِهِدّي" ويجيز "تهِدّي" و "نهِدّي" و "إهدي" قال : لأن الكسرة في الياء تثقل.
السادسة قرأ حمزة والكسائي وخلف ويحيى بن وَثّاب والأعمش "يَهْدِي" بفتح الياء وإسكان الهاء وتخفيف الدال ؛ من هَدَى يهدي.
قال النحاس : وهذه القراءة لها وجهان في العربية وإن كانت بعيدة، وأحد الوجهين أن الكسائي والفراء قالا :"يهدي" بمعنى يهتدي.
قال أبو العباس : لا يعرف هذا، ولكن التقدير أمن لا يهدي غيره، تم الكلام، ثم قال :"إلاَّ أَنْ يُهْدَى" استأنف من الأوّل، أي لكنه يحتاج أن يهدى ؛ فهو استثناء منقطع، كما تقول ؛ فلان لا يُسمِع غيره إلا أن يُسمع، أي لكنه يحتاج أن يُسْمَع.
وقال أبو إسحاق :﴿ فَمَا لَكُمْ ﴾ كلام تام، والمعنى : فأي شيء لكم في عبادة الأوثان.
ثم قيل لهم :﴿ تَحْكُمُونَ ﴾ أي لأنفسكم وتقضون بهذا الباطل الصراح، تعبدون آلهة لا تغني عن أنفسها شيئاً إلا أن يُفعل بها، والله يفعل ما يشاء فتتركون عبادته ؛ فموضع "كيف" نصب ب "تحكمون". أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٨ صـ ﴾