وَنَسُوقُهُمْ إِلَى مَوَاقِفِ الْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ أَيْ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَمْكُثُوا فِي الدُّنْيَا إِلَّا مُدَّةً قَلِيلَةً مِنَ النَّهَارِ رَيْثَمَا يَعْرِفُ فِيهَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا كَأُولِي الْقُرْبَى وَالْجِيرَانِ ثُمَّ زَالَتْ ; فَإِنَّ السَّاعَةَ يُضْرَبُ بِهَا الْمَثَلُ فِي قِلَّةِ الْمُدَّةِ. فَالتَّشْبِيهُ بَيَانٌ لِحَالِهِمْ فِي تَذَكُّرِهِمْ لِلدُّنْيَا. يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا الَّتِي غَرَّتْهُمْ بِمَتَاعِهَا الْحَقِيرِ الزَّائِلِ قَصِيرَةٌ سَتَزُولُ بِعَذَابِهِمْ أَوْ مَوْتِهِمْ وَسَيُقَدِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قِصَرَهَا بِسَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ لَا تَسَعُ أَكْثَرَ مِنَ التَّعَارُفِ الْقَلِيلِ، كَمَا قَالَ فِي آخِرِ سُورَةِ الْأَحْقَافِ :(كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ) (٤٦ : ٣٥) وَفِي سُورَةِ الرُّومِ :(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ) (٣٠ : ٥٥) وَفِي مَعْنَاهَا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آخِرِ النَّازِعَاتِ عَنِ السَّاعَةِ :(كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا) (٧٩ : ٤٦) وَفِي آيَاتٍ أُخْرَى أَنَّ أَهْلِ الْمَوْقِفِ يَخْتَلِفُونَ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ، أَيْ بِحَسْبِ اخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ