وَقَدْ وَرَدَ بِمَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى :(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ) (٤٠ : ٧٧) وَيَلِيهَا آيَةٌ بِمَعْنَى الْآيَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ ذُكِرَ فِيهَا الرُّسُلُ وَكَوْنُ آيَاتِهِمْ بِإِذْنِ اللهِ لَا مِنْ كَسْبِهِمْ، وَالْقَضَاءُ عَلَى أَقْوَامِهِمْ بِالْهَلَاكِ بَعْدَهَا، وَمِنْهَا قَوْلُهُ بَعْدَ آيَةٍ فِي إِرْسَالِ الرُّسُلِ وَكَوْنِ آيَاتِهِمْ إِنَّمَا هِيَ بِإِذْنِ اللهِ وَلِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ :(وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ) (١٣ : ٤٠) وَمَا بَعْدَهَا فِي مَعْنَى السِّيَاقِ الَّذِي هُنَا، وَقَوْلُهُ :(فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ) (٤٣ : ٤١، ٤٢) وَقَبْلَهَا :(أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (٤٣ : ٤٠) وَهُوَ بِمَعْنَى مَا قَبْلَ هَذِهِ أَيْضًا.
وَقَدْ أَبْهَمَ أَمْرَ عَذَابِ الدُّنْيَا فِي كُلِّ هَذِهِ الْآيَاتِ وَآيَاتٍ أُخْرَى، فَلَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهُ سَيَقَعُ بِهِمْ مَا وَقَعَ بِالْأُمَمِ الَّتِي كَذَّبَتِ الرُّسُلَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَهُوَ عَذَابُ الِاسْتِئْصَالِ، وَلَكِنَّهُ أَشَارَ إِلَيْهِ فِي قَوْلِهِ :(قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٢٣ : ٩٣، ٩٤) أَيْ كَمَا هِيَ سُنَّتُكَ فِي رُسُلِكَ الْأَوَّلِينَ، وَقَدْ أَجَابَ اللهُ دُعَاءَهُ فَقَالَ :(وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) (٨ : ٣٣).


الصفحة التالية
Icon