وقد ذكروا أن هذا الاستعداد غير مجعول ضرورة أن الجعل مسبوق بتعلق القدرة المسبوق بتعلق الإرادة المسبوق بتعلق العلم والاستعداد ليس كذلك لأنه لم يثبت العلم إلا وهو متعلق به بل بسائر الأشياء أيضاً لأن التعلق بالمعلوم من ضروريات العلم والتعلق بما لا ثبوت له أصلاً مما لا يعقل ضرورة أنه نسبة وهي لا تتحقق بدون ثبوت الطرفين، ولا يرد على هذا أنه يلزم منه استغناء الموجودات عن المؤثر لأنا نقول : إن كان المراد استغناءها عن ذلك نظراً إلى الوجود العلمي القديم فالأمر كذلك ولا محذور فيه وان كان المراد استغناءها عن ذلك نظراً إلى وجودها الخارجي الحادث فلا نسلم اللزوم وتحقيق ذلك بما له وما عليه في محله، وفي الآية على هذا تنبيه على أن كون أولئك المكذبين كما وصفوا إنما نشأ عن اقتضاء استعدادهم له ولذلك ذموا به لا عن محض تقديره عليهم من غير أن يكون منهم طلب له باستعدادهم ولعل تسمية التصرف على خلاف ما يقتضيه الاستعداد لو كان ظلماً من باب المجاز وتنزيل المقتضى منزلة الملك وإلا فحقيقة الظلم مما لا يصح إطلاقه على تصرف من تصرفاته تعالى كيف كان إذ لا ملك حقيقة لأحد سواه في شيء من الأشياء، ووضع الظاهر في الجملة الاستداركية موضع الضمير لزيادة التعيين والتقرير.
وقرأ حمزة.
والكسائي بتخفيف ﴿ لَكِنِ ﴾ ورفع ﴿ الناس ﴾. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١١ صـ ﴾