وقال الشيخ الشعراوى :
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٤) ﴾
كلمة " الله " هي اسم عَلَمٍ على واجب الوجود المتصف بكل صفات الكمال التي عرفناها في أسماء الله الحسنى التسعة والتسعين، وإن كان لله تعالى كمالات لا تتناهى ؛ لأن الأسماء أو الصفات التي يحملها التسعة والتسعون اسماً لا تكفي كل كمالات الله سبحانه، فكمالاته سبحانه لا تتناهى.
ولذلك قال النبي ﷺ :
" أسألك بكل اسم سمَّيت به نفسك، أو علَّمته أحداً من خَلْقك، أو استأثرت به في علّم الغيب عندك ".
وإن سأل سائل : ولماذا يستأثر الله سبحانه ببعض من أسمائه في علم الغيب؟
أقول : حتى يجعل لنا الله سبحانه في الآخرة مزيداً من الكمالات التي لم نكن نعرفها ؛ ولذلك نجد الحق سبحانه يفتح على رسوله ﷺ " من محامده وحُسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحد قبله ".
وهذا بعض من فيض لا ينفد من آفاق اسم عَلَمٍ على واجب الوجود، وصفات علم واجب الوجود، والتسعة والتسعون اسماً التي نعلمها هي اللازمة لحياتنا الدنيا، ولكننا سنجد في الآخرة صفات كمال أخرى، وكلمة " الله " هي الجامعة لكل هذه الأسماء، ما عرفناها ؛ وما لم نعرفها.
والإنسان منا حين يُقبل على عمل، فهذا العمل يتطلب تكاتُفَ صفات متعددة، يحتاج إلى قدرة، وعلم، وحكمة، ولُطْف، ورحمة، وغير ذلك من الصفات، فإن قلت : باسم القويّ ؛ فأنت تحتاج إلى القوة، وإن قلت باسم القادر ؛ فأنت تحتاج إلى القدرة، وإن قلت : باسم الحليم ؛ فأنت تحتاج إلى الحِلْم، وإن قلت : باسم الحكيم ؛ فأنت تحتاج إلى الحكمة، وإن قلت :" باسم الله " فهي تكفيك في كل هذا وغيره أيضاً ؛ ولذلك يكون بدء الأعمال ب " بسم الله "، فإذا احتجت إلى قدرة وجدتها، وإن احتجت إلى غِنَىً وجدته، وإن احتجت إلى بَسْطٍ وجدته.


الصفحة التالية
Icon