الثالثة - قيل : إن استعجالهم العذاب، كان المقصود منه الاستبعاد والاستهزاء، دون ظاهره، فورود ( ما ) هنا في الجواب على الأسلوب الحكيم ؛ لأنهم ما أرادوا بالسؤال إلا الاستبعاد أن الموعود منه تعالى، وأنه افتراء، فطلبوا منه تعيين وقته تهكماً وسخرية، فقال في جوابهم : هذا التهكم لا يتم إذا كنت مقراً بأني مثلكم، وأني لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً، فكيف أدعي ما ليس لي به حق ؟ ثم شرع في الجواب الصحيح، ولم يلتفت إلى تهكمهم واستبعادهم - أفاده الطيبي -.
الرابعة - سر إيثار :﴿ مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُون ﴾ على ( مَاذَا يَسْتَعْجِلونُ مِنْهُ ) هو الدلالة على موجب ترك الاستعجال، وهو الإجرام، لأن من حق المجرم أن يخاف التعذيب على إجرامه، ويهلك فزعاً من مجيئه، وإن أبطأ، فضلاً عن أن يستعجله - كذا في " الكشاف " -.
قال في " الانتصاف " : وفي هذا النوع البليغ نكتتان :
إحداهما : وضع الظاهر مكان المضمر، والأخرى : ذكر الظاهر بصيغة زائدة مناسبة للمصدر.
وكلاهما مستقل بوجه من البلاغة والمبالغة - والله أعلم -. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ٩ صـ ٣٣ ـ ٣٤﴾


الصفحة التالية
Icon