" فوائد لغوية وإعرابية "
قال السمين :
﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (٥٠) ﴾
قوله تعالى :﴿ أَرَأَيْتُمْ ﴾ : قد تقدَّم الكلام على/ " أَرَأَيْتَ " هذه، وأنها تتضمَّن معنى أخبرني فتتعدى إلى اثنين، ثانيهما غالباً جملة استفهامية فينعقد منها مع ما قبلها مبتدأٌ وخبرٌ كقولِهم :" أرأيتَك زيداً ما صنع " وتقدَّم مذاهبُ الناسِ فيها في سورة الأنعام فعليك باعتباره ثَمَّة. ومفعولُها الأول في هذه الآية الكريمة محذوفٌ، والمسألةُ من بابِ الإِعمال لأنه تنازع أرأيت وأتاكم في " عذاب "، والمسألةُ من إعمال الثاني، إذ هو المختار عند البصريين، ولمَّا أعمله أضمر في الأول وحَذَفَه، لأنَّ إبقاءَه مخصوصٌ بالضرورة، أو جائزُ الذكرِ على قلةٍ عند آخرين، ولو أعمل الأول لأضمرَ في الثاني ؛ إذ الحذف منه لا يكون إلا في ضرورة أو في قليلٍ من الكلام، ومعنى الكلام : قل لهم يا محمد أخبروني عن عذاب الله إن أتاكم، أيُّ شيءٍ تستعجلون منه، وليس شيءٌ من العذاب يُسْتعجل به لمرارته وشدة إصابته فهو مُقْتَضٍ لنفورِ الطَّبَع منه. قال الزمخشري " فإن قلت : بم يتعلَّق الاستفهامُ وأين جوابُ الشرط؟ قلت : تعلَّق ب " أرأيتم " لأن المعنى : أخبروني ماذا يَسْتعجل منه المجرمون، وجوابُ الشرط محذوف وهو " تَنْدموا على الاستعجال " أو " تعرفوا الخطأ فيه ". قال الشيخ :" وما قَدَّره غيرُ سائغ لأنه لا يُقَدَّر الجوابُ إلا ممَّا تقدَّمَه لفظاً أو تقديراً تقول :" أنت ظالمٌ إن فعلت " التقدير : إن فعلت فأنت ظالم، وكذلك :﴿ وَإِنَّآ إِن شَآءَ الله لَمُهْتَدُونَ ﴾ [ البقرة : ٧٠ ] التقدير : إن شاءَ الله نَهْتَدِ، فالذي يُسَوِّغ أن يُقَدَّر : إن أتاكم عذابه فأخبروني ماذا يستعجل منه المجرمون ".