وقرىء ﴿ ثُمَّ ﴾ بفتح الثاء بمعنى هنالك، وقوله سبحانه :﴿ الآن ﴾ على تقدير القول وهو الأظهر والأقوى معنى أي قيل لهم عند إيمانهم بعد وقوع العذاب الآن آمنتم به.
فالآن في محل نصب على أنه ظرف لآمنتم مقدراً، ومنع أن يكون ظرفاً للمذكور لأن الاستفهام له صدر الكلام.
وقرىء بدون همزة الاستفهام والظاهر عندي على هذا تعلقه بمقدر أيضاً لأن الكلام على الاستفهام، وبعض جوز تعلقه بالمذكور وليس بذاك.
وعن نافع أنه قرىء ﴿ الآن ﴾ بحذف الهمزة التي بعد اللام وإلقاء حركتها على اللام، وقوله سبحانه :﴿ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ﴾ في موضع الحال من فاعل ﴿ أَمِنتُمْ ﴾ المقدر، والكلام على ما قيل مسوق من جهته تعالى غير داخل تحت القول الملقن لتقرير مضمون ما سبق من إنكار التأخير والتوبيخ عليه، وفائدة الحال تشديد التوبيخ والتقريع وزيادة التنديم والتحسير.
قال العلامة الطيبي : إن الآن آمنتم به يقتضي أن يقال بعده : وقد كنتم به تكذبون لا ﴿ تَسْتَعْجِلُونَ ﴾ إلا أنه وضع موضعه لأن المراد به الاستعجال السابق وهو ما حكاه سبحانه عنهم بقوله تعالى :﴿ متى هذا الوعد ﴾ [ يونس : ٤٨ ] وكان ذلك تهكماً منهم وتكذيباً واستبعاداً، وفي العدول استحضار لتلك المقالة الشنيعة فيكون أبلغ من تكذبون، وتقديم الجار والمجرور على الفعل لمراعاة الفواصل، وقوله تعالى :﴿ ثُمَّ قِيلَ ﴾ الخ عطف على قيل المقدر قبل ﴿ الآن ﴾ لتوكيد التوبيخ. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١١ صـ ﴾