(قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) (٢٧ : ٧٢) وَهُوَ مِنْ رَدِفَهُ إِذَا لَحِقَهُ وَتَبِعَهُ، وَعُدِّيَ بِاللَّامِ لِتَأْكِيدِهِ أَوْ تَضْمِينِهِ مَعْنًى يُنَاسِبُهُ.
وَقَدْ بَلَغَ مِنْ جَهْلِ الْخُرَافِيِّينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِتَوْحِيدِ اللهِ، أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ النُّصُوصِ مِنْ آيَاتِ التَّوْحِيدِ لَمْ تَصُدَّ الْجَاهِلِينَ بِهِ مِنْهُمْ عَنْ دَعْوَى قُدْرَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ - حَتَّى الْمَيِّتِينَ مِنْهُمْ - عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي نَفْعِهِمْ وَضُرِّهِمْ، مِمَّا لَمْ يَجْعَلْهُ اللهُ تَعَالَى مِنَ الْكَسْبِ الْمَقْدُورِ لَهُمْ بِمُقْتَضَى سُنَنِهِ فِي الْأَسْبَابِ، بَلْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَتَصَرَّفُونَ فِي الْكَوْنِ كُلِّهِ، كَالَّذِينِ يُسَمُّونَهُمُ الْأَقْطَابَ الْأَرْبَعَةَ. وَأَنَّ بَعْضَ كِبَارِ عُلَمَاءِ الْأَزْهَرِ فِي هَذَا الْعَصْرِ يَكْتُبُ هَذَا حَتَّى فِي مَجَلَّةِ الْأَزْهَرِ الرَّسْمِيَّةِ (نُورِ الْإِسْلَامِ) فَيُفْتِي بِجَوَازِ دُعَاءِ غَيْرِ اللهِ مِنَ الْمَوْتَى وَالِاسْتِغَاثَةِ بِهِمْ فِي كُلِّ مَا يَعْجِزُونَ عَنْهُ مِنْ جَلْبِ نَفْعٍ وَدَفْعِ ضُرٍّ، وَأَلَّفَ بَعْضُهُمْ كِتَابًا فِي إِثْبَاتِ ذَلِكَ، وَكَوْنِ الْمَيِّتِينَ مِنَ الصَّالِحِينَ يَنْفَعُونَ وَيَضُرُّونَ بِأَنْفُسِهِمْ، وَيَخْرُجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ فَيَقْضُونَ حَوَائِجَ مَنْ يَدْعُونَهُمْ وَيَسْتَغِيثُونَ بِهِمْ. قَالَ فِي فَتْحِ الْبَيَانِ بَعْدَ نَقْلِهِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ عَنْ أَئِمَّةِ الْمُفَسِّرِينَ وَتَرْجِيحِهِ مَا نَصُّهُ :


الصفحة التالية
Icon