وقال الشيخ الشعراوى :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾
والخطاب هنا للناس جميعاً ؛ لأن الحق سبحانه حين يخاطب المؤمنين بقوله تعالى :
﴿ يَاأَيُّهَا الذين آمَنُواْ ﴾ [ البقرة : ١٠٤ ].
فهذا خطاب لمن آمن بالمنهج.
والحق سبحانه وتعالى يخاطب الناس كافّةً بأصول العقائد، مثل قول الحق سبحانه :
﴿ ياأيها الناس اتقوا رَبَّكُمُ ﴾ [ النساء : ١ ].
أما المؤمنون فسبحانه يكلّفهم بخطابه إليهم، من مثل قول الحق سبحانه :
﴿ ياأيها الذين آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيام ﴾ [ البقرة : ١٨٣ ].
ومثل قول الحق :
﴿ ياأيها الذين آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص فِي القتلى ﴾ [ البقرة : ١٧٨ ].
أي : أن خطابه سبحانه للمؤمنين يكون دائماً في الأحكام التي يخطاب بها المؤمنين، أما في أصول العقائد والإيمان الأعلى بالواجد الموجِد، فهذا يكون خطاباً للناس كافة.
والحق سبحانه يقول هنا :
﴿ ياأيها الناس قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ ﴾ [ يونس : ٥٧ ].
والأية هنا تصوِّر الموعظة وكأنها قد تجسَّدت وصار لها مجيء، رغم أن الموعظة هي كلمات، وأراد الله تعالى بذلك أن يعطى للموعظة صورة الحركة التي تؤثِّر وتحضُّ على الإيمان.
والموعظة هي الوصية بالخير والبعد عن الشر بلَفْظ ٍمؤثِّر، ويقال : فلان واعظ متميز، أي : أن كلامه مستميل وأسلوبه مؤثر وجميل، والموعوظ دائماً أضعف من الواعظ، وتكون نفس الموعوظ ثقيلة، فلا تتقبل الموعظة بيسر إلا ممن يجيد التأثير بجمال الكلمة وصدق الأداء ؛ لأن الموعوظ قد يقول في نفسه : لقد رأيتني في محل دونك وتريد أن ترفعني، وأنت أعلى مني. فإذا قدَّر الواعظ هذ الظرف في الموعوظ فهو يستميل نفسه.


الصفحة التالية
Icon