ومعنى الآية : قل يا محمد لجميع الناس بفضل الله وبرحمته فليقع الفرح منكم، لا بأمور الدنيا وما يجمع من حطامها، فالمؤمنون يقال لهم : فليفرحوا وهم ملتبسون بعلة الفرح وسببه، ومخلصون لفضل الله منتظرون لرحمته، والكافرون يقال لهم : بفضل الله ورحمته فليفرحوا على معنى أنْ لو اتفق لكم أو لو سعدتم بالهداية إلى تحصيل ذلك انتهى.
والظاهر أن قوله : قل بفضل الله وبرحمته، فبذلك فليفرحوا جملتان، وحذف ما تتعلق به الباء والتقدير : قل بفضل الله وبرحمته ليفرحوا، ثم عطفت الجملة الثانية على الأولى على سبيل التوكيد.
قال الزمخشري : والتكرير للتقرير والتأكيد، وإيجاب اختصاص الفضل والرحمة بالفرح دون ما عداهما من فوائد الدنيا، فحذف أحد الفعلين لدلالة المذكور عليه، والفاء داخلة لمعنى الشرط كأنه قيل : إن فرحوا بشيء فليخصوهما بالفرح، فإنه لا مفروح به أحق منهما.
ويجوز أن يراد بفضل الله وبرحمته فليعتنوا بذلك، فليفرحوا.
ويجوز أنْ يراد قد جاءتكم موعظة بفضل الله وبرحمته فبذلك أي : فبمجيئهما فليفرحوا انتهى.
أما إضمار فليعنتوا فلا دليل عليه، وأما تعليقه بقوله : قد جاءتكم، فينبغي أن يقدر ذلك محذوفاً بعد قل، ولا يكون متعلقاً بجاءتكم الأولى للفصل بينهما بقل.
وقال الحوفي : الباء متعلقة بما دل على المعنى أي : قد جاءتكم الموعظة بفضل الله.
وقيل : الفاء الأولى زائدة، ويكون بذلك بدلاً مما قبله، وأشير به إلى الاثنين الفضل والرحمة.


الصفحة التالية
Icon