وقال الآلوسى :
﴿ وَيَسْتَنْبؤُنَكَ ﴾
أي يستخبرونك ﴿ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ ﴾ أي العذاب الموعود كما هو الأنساب بالسياق دون ادعاء النبوة الذي جوزه بعضهم، ورجح عليه أيضاً بأنه لا يتأتى إثبات النبوة لمنكريها بالقسم.
وأجيب بأنه ليس المراد منه إثباتها بل كون تلك الدعوى جداً لا هزلاً أو أنه بالنسبة لمن يقنع بالإثبات بمثله، وقد يقال : ما ذكر مشترك الإلزام لأن العذاب الموعود لا يثبت عند الزاعمين أنه افتراء قبل وقوعه بمجرد القسم أيضاً فلا يصلح ما ذكر مرجحاً، والحق أن القسم لم يذكر للإلزام بل توكيد لما أنكروه، والاستفهام للإنكار، والاستنباء على سبيل التهكم والاستهزاء كما هو المعلوم من حالهم فلا يقتضي بقاءه على أصله، وربما يقال : إن الاستنباء بمعنى طلب النبأ حقيقة لكن لا عن الحقبة ومقابلها بالمعنى المتبادر لأنهم جازمون بالثاني بل المراد من ذلك الجد والهزل كأنهم قالوا : إنا جازمون بأن ما تقوله كذب لكنا شاكون في أنه جد منك أم هزل فأخبرنا عن حقيقة ذلك، ونظير هذا قولهم :﴿ أفترى عَلَى الله كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ ﴾ [ سبأ : ٨ ] على ما قرره الجماعة إلا أن ذلك خلاف الظاهر، و﴿ حَقّ ﴾ خبر قدم على المبتدأ الذي هو ﴿ هُوَ ﴾ ليلى الهمزة المسؤول عنه، وجوز أن يكون مبتدأ وهو مرتفع به ساد مسد الخبر لأنه بمعنى ثابت فهو حينئذٍ صفة وقعت بعد الاستفهام فتعمل ويكتفي بمرفوعها عن الخبر إذا كان اسماً ظاهراً أو في حكمه كالضمير المنفصل هنا، والمشهور أن استنبأ تتعدى إلى اثنين أحدهما بدون واسطة والآخر بواسطة عن فالمفعول الأول على هذا ليستنبؤون الكاف والثاني قامت مقامه هذه الجملة، على معنى يسألونك عن جواب هذا السؤال إذ الاستفهام لا يسأل عنه وإنما يسأل عن جوابه.


الصفحة التالية
Icon