وقال ابن عاشور :
﴿ وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ ﴾
الأظهر أن هذه الجملة من بقية القول، فهي عطف على جملة ﴿ إي وربي إنه لحق ﴾ [ يونس : ٥٣ ] إعلاماً لهم بهول ذلك العذاب عساهم أن يحذروه، ولذلك حذف المتعلِّق الثاني لفعل ( افتدت ) لأنه يقتضي مفدياً به ومفدياً منه، أي لافتدت به من العذاب.
والمعنى أن هذا العذاب لا تتحمله أية نفس على تفاوت الأنفس في احتمال الآلام، ولذلك ذكر ﴿ كل نفس ﴾ دون أن يقال ولو أن لكم ما في الأرض لافتديتم به.
وجملة ﴿ أن لكل نفس ظلمتْ ما في الأرض ﴾ واقعة موقع شرط ( لو ).
و﴿ ما في الأرض ﴾ اسم ( أن ).
و﴿ ولكل نفس ﴾ خبر ( أن ) وقدم على الاسم للاهتمام بما فيه من العموم بحيث ينص على أنه لا تسلم نفس من ذلك.
وجملة ﴿ ظلمت ﴾ صفة لِ ﴿ لنفس ﴾.
وجملة :﴿ لافتدت به ﴾ جواب ( لو ).
فعموم ﴿ كل نفس ﴾ يشمل نفوس المخاطبين مع غيرهم.
ومعنى ﴿ ظلمت ﴾ أشركت، وهو ظلم النفس ﴿ إن الشرك لظلم عظيم ﴾ [ لقمان : ١٣ ].
و﴿ ما في الأرض ﴾ يعم كل شيء في ظاهر الأرض وباطنها لأن الظرفية ظرفية جمع واحتواء.
و( افتدى ) مرادف فدى.
وفيه زيادة تاء الافتعال لتدل على زيادة المعنى، أي لتكلفت فداءها به.
جملة مستأنفة معطوفة عطف كلام على كلام.
وضمير ﴿ أسروا ﴾ عائد إلى ﴿ كل نفس ﴾ باعتبار المعنى مع تغليب المذكر على المؤنث، وعبر عن الإسرار المستقبَلي بلفظ الماضي تنبيهاً على تحقيق وقوعه حتى كأنَّه قد مضى، والمعنى : وسيسرُّون الندامة قطعاً.
وكذلك قوله :﴿ وقُضيَ بينهم ﴾.


الصفحة التالية
Icon