تأييد رسوله عليه السلام بالدلائل القاطعة والمعجزات الباهرة ويكون قادراً على إعلاء شأن رسوله وإظهار دينه وتقوية شرعه، ولما كان قادراً على كل ذلك فقد بطل الاستهزاء والتعجب ولما كان منزهاً عن النقائص والآفات، كان منزهاً عن الخلف والكذب وكل ما وعد به فلا بد وأن يقع، هذا إذا قلنا : إنه تعالى لا يراعي مصالح العباد، أما إذا قلنا : إنه تعالى يراعيها فنقول : الكذب إنما يصدر عن العاقل، إما للعجز أو للجهل أو للحاجة، ولما كان الحق سبحانه منزهاً عن الكل كان الكذب عليه محالاً، فلما أخبر عن نزول العذاب بهؤلاء الكفار، وبحصول الحشر والنشر وجب القطع بوقوعه، فثبت بهذا البيان أن قوله تعالى :﴿أَلا إِنَّ للَّهِ مَا فِى السموات والأرض﴾ مقدمة توجب الجزم بصحة قوله :﴿أَلاَ إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ﴾ ثم قال :﴿ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ والمراد أنهم غافلون عن هذه الدلائل، مغرورون بظواهر الأمور، فلا جرم بقوا محرومين عن هذه المعارف، ثم إنه أكد هذه الدلائل فقال :﴿هُوَ يُحْىِ وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ والمراد أنه لما قدر على الإحياء في المرة الأولى فإذا أماته وجب أن يبقى قادراً على إحيائه في المرة الثانية، فظهر بما ذكرنا أنه تعالى أمر رسوله بأن يقول :
﴿إِى وَرَبّى﴾ [ يونس : ٥٣ ] ثم إنه تعالى أتبع ذلك الكلام بذكر هذه الدلائل القاهرة.