وَأَقُولُ : إِنَّ فَائِدَةَ السُّؤَالِ عَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَالْجِبَالَ وَمَا فِيهَا ثُمَّ ذِكْرَهُ فِي الْقَسَمِ، أَنَّ اسْتِحْضَارَ ذَلِكَ فِيهِ يَكُونُ أَحْرَى أَنْ يُلْتَزَمَ فِي الْجَوَابِ الصِّدْقُ وَتَعْظِيمُ الْقَسَمِ وَالْخَوْفُ مِنْ عَاقِبَةِ الْحِنْثِ، وَقَدْ خَفِيَ هَذَا كُلُّهُ عَلَى الْمُفَسِّرِينَ لِأَنَّهُمُ اعْتَادُوا إِثْبَاتَ الْعَقَائِدِ الدِّينِيَّةِ بِالْأَدِلَّةِ النَّظَرِيَّةِ الْجَدَلِيَّةِ الَّتِي وُضِعَتْ لِلْجَاحِدِينَ الْمُجَادِلِينَ بِالْبَاطِلِ، وَجَهِلَ هَذِهِ الْحَقَائِقَ أَعْدَاءُ الْإِسْلَامِ مِنَ الْإِفْرِنْجِ، وَلَا سِيَّمَا السِّيَاسِيِّينَ رِجَالِ الْكَنِيسَةِ الْكَاثُولِيكِيَّةِ وَدُعَاةِ التَّنْصِيرِ الْبُرُوتِسْتَنْتِيُّ الْمَطْبُوعِينَ عَلَى الْكَذِبِ وَالْكَسْبِ بِهِ وَالْأَخْذِ بِقَوْلِ رُؤَسَائِهِمْ :(إِنَّ الْغَايَةَ تُبَرِّرُ الْوَاسِطَةَ) يَعْنُونَ أَنَّ اقْتِرَافَ الْكَذِبِ وَسَائِرِ الرَّذَائِلِ لِأَجْلِ مَصْلَحَةِ الْكَنِيسَةِ فَضِيلَةٌ - جَهِلَ هَؤُلَاءِ أَنَّ عُبَّادَ الْأَصْنَامِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمُ احْتِرَامًا لِلصِّدْقِ، فَضْلًا عَنِ الْإِسْلَامِ وَكِتَابِهِ وَنَبِيِّهِ فَأَبَاحُوا لِأَنْفُسِهِمْ مِنَ افْتِرَاءِ الْكَذِبِ عَلَى اللهِ، وَكِتَابِهِ وَخَاتَمِ رُسُلِهِ، مَا لَمْ يَخْطُرْ مِثْلُهُ فِي بَالِ الشَّيْطَانِ قَبْلَهُمْ فَيُوَسْوِسَ بِهِ لِغَيْرِهِمْ :

لَقَدْ كَذَبُوا عَلَى الْإِسْلَامِ كِذْبًا تَزُولُ الشُّمُّ مِنْهُ مُزَلْزَلَاتِ


الصفحة التالية
Icon