وقال الثعالبى :
قوله سبحانه :﴿ أَلآ إِنَّ أَوْلِيَاءَ الله... ﴾ الآيةُ :
«أَلا» استفتاحٌ وتنبيهٌ، و ﴿ أَوْلِيَاءَ الله ﴾ : هم المؤمنون الذينَ وَالوهُ بالطاعةِ والعبادةِ، وهذه الآية يُعْطِي ظاهرُها أَنَّ مَنْ آمَنَ واتقَى اللَّه، فَهُوَ داخلٌ في أولياء اللَّه، وهذا هو الذي تقتضيه الشريعةُ في الوَلِيِّ، " وروي عن النبيِّ ﷺ ؛ أَنَّهُ سُئِلَ، مَنْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ؟ فَقَالَ :«الَّذِينَ إِذَا رَأَيْتُهُمْ ذَكَرْتَ اللَّه» ". قال :* ع * : هذا وصفٌ لازِمٌ للمتَّقِين ؛ لأنهم يَخْشَعُونَ ويُخْشِّعُونَ، وروي عنه ﷺ أيضاً أَنَّهُ قَالَ :" أَوْلِيَاءُ اللَّه قَوْمٌ تَحَابُّوا فِي اللَّهِ، وَاجْتَمَعُوا في ذَاتِهِ، لَمْ تَجْمَعْهُمْ قَرَابَةٌ وَلاَ مَالٌ يَتَعَاطَوْنَهُ " وروى الدارقطنيُّ في «سننه» عن النبيِّ ﷺ ؛ أَنَّهُ قَالَ :" خِيَارُ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ إِذَا رؤُوا، ذُكِرَ اللَّهُ، وَشَرُّ عِبَادِ اللَّهِ المَشَّاؤونَ بِالنَّمِيمَةِ المُفَرِّقُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ، البَاغُونَ للْبُرَآءِ العَيْبَ " انتهى من «الكوكب الدُّرِّيِّ».
وقوله :﴿ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ يعني : في الآخرةِ، ويحتملُ في الدنيا لا يخافُونَ أَحداً من أَهل الدنيا، ولا من أعراضها، ولا يحزنون على ما فاتهم منها، والأولُ أظهر، والعمومُ في ذلك صحيحٌ : لاَ يَخَافُونَ في الآخرة جملةً، ولا في الدنيا الخَوْفَ الدُّنْيَوِيَّ.


الصفحة التالية
Icon