وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ لَهُمُ البشرى فِي الحياة الدنيا ﴾
" عن أبي الدّرداء قال : سألت رسول الله ﷺ عنها فقال :"ما سألني أحد عنها غيرك منذ أنزلت هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرَى له" " خرّجه الترمذي في جامعه.
وقال الزهريّ وعطاء وقتادة : هي البشارة التي تبشّر بها الملائكة المؤمنَ في الدنيا عند الموت.
وعن محمد بن كعب القُرَظِيّ قال : إذا استنقعت نفس العبد المؤمن جاءه ملك الموت فقال : السلام عليك ولِيَّ الله الله يقرئك السلام.
ثم نزع بهذه الآية :﴿ الذين تَتَوَفَّاهُمُ الملائكة طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ﴾ ذكره ابن المبارك.
وقال قتادة والضحاك : هي أن يعلم أين هو من قبل أن يموت.
وقال الحسن : هي ما يبشرهم الله تعالى في كتابه من جنته وكريم ثوابه ؛ لقوله :﴿ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ ﴾ [ التوبة : ٢١ ]، وقوله :﴿ وَبَشِّرِ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ ﴾ [ البقرة : ٢٥ ].
وقوله :﴿ وَأَبْشِرُواْ بالجنة التي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [ فصلت : ٣٠ ] ولهذا قال :﴿ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله ﴾ أي لا خلف لمواعيده، وذلك لأن مواعيده بكلماته.
﴿ وَفِي الآخرة ﴾ قيل : بالجنة إذا خرجوا من قبورهم.
وقيل : إذا خرجت الروح بُشِّرت برضوان الله.
وذكر أبو إسحاق الثعلبي : سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله الجَوْزَقيّ يقول : رأيت أبا عبد الله الحافظ في المنام راكباً بِرْذَوْناً عليه طَيْلسان وعمامة، فسلّمت عليه وقلت له : أهلاً بك، إنا لا نزال نذكرك ونذكر محاسنك ؛ فقال : ونحن لا نزال نذكرك ونذكر محاسنك، قال الله تعالى :﴿ لَهُمُ البشرى فِي الحياة الدنيا وَفِي الآخرة ﴾ الثناء الحسن : وأشار بيده.
﴿ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله ﴾ أي لا خلف لوعده.


الصفحة التالية
Icon