موصولة معطوفة على ﴿ مِنْ ﴾ أي وله تعالى ما يتبعه المشركون خلقاً وملكاً فكيف يكون شريكاً له سبحانه، وتخصيص ذلك بالذكر مع دخوله فيما سبق عبارة أو دلالة للمبالغة في بيان بطلان الاتباع وفساد ما بنوه عليه من الظن الذي هو من الفساد بمكان، وجوز على احتمال الموصولية أن تكون مبتدأ خبره محذوف أي باطل ونحوه أو الخبر قوله سبحانه :﴿ إِن يَتَّبِعُونَ ﴾ والعائد محذوف أي في عبادته أو اتباعه.
وقرأ السلمي ﴿ تَدْعُونَ ﴾ بالتاء الخطابية، وروي ذلك عن علي كرم الله وجهه وهي قراءة متجهة خلافاً لزاعم خلافه فإن ﴿ مَا ﴾ فيها استفهامية للتبكيت والتوبيخ والعائد على ﴿ الذين ﴾ محذوف و﴿ شُرَكَاء ﴾ حال منه، والمراد من ﴿ الذين ﴾ الملائكة والمسيح وعزير عليهم الصلاة والسلام فكأنه قيل : أي شيء يتبع الذين تدعونهم حال كونهم شركاء في زعمكم من الملائكة والنبيين تقريراً لكونهم متبعين لله تعالى مطيعين له وتوبيخاً لهم على عدم اقتدائهم بهم في ذلك كقوله سبحانه :
﴿ أولئك الذين تَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبّهِمُ الوسيلة ﴾ [ الإسراء : ٥٧ ] وحاصله أن الذين تعبدونهم يعبدون الله تعالى ولا يعبدون غيره فما لكم لا تقتدون بهم ولا تتبعونهم في ذلك ثم صرف الكلام عن الخطاب إلى الغيبة فقيل : إن يتبع هؤلاء إلا الظن ولا يتبعون ما يتبعه الملائكة والنبيون عليهم السلام من الحق ﴿ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ﴾ أي يحزرون ويقدرون أنهم شركاء تقديراً باطلاً أو ييكذبون فيما ينسبونه إليه سبحانه وتعالى على أن الخرص إما بمعنى الحزر والتخمين كما هو الأصل الشائع فيه وإما بمعنى الكذب فإنه جاء استعماله في ذلك لغلبته في مثله. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١١ صـ ﴾