وكذلك عُمْر الإنسان، لم يكلِّف الله تعالى الإنسان إلا بعد البلوغ، وترك له الفترة الأولى من عمره دون تكليف منه وحساب، لكنه سبحانه لم يقطع عنه التكليف في تلك المرحلة بتاتاً، وإنما منع حسابه على ما " يفعل " أو " لا يفعل "، وترك مسئولية التدريب على التكليف للأب مثلاً، فالأب يقول لابنه :" لا تكذبْ " فإن كذب ؛ فالأب يعاقبه، وهكذا يكون الأمر من الوالد، والنهي للولد والأمر والنهي يتطلب ثواباً أو عقاباً.
ويبيِّن لنا رسول الله ﷺ هذا الأمر فيقول :" مروا أولادكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين ".
والذي يأمرهنا الابن بالصلاة هو الأب، وهو أيضاً الذي يعاقب على ترك الصلاة، وهو الذي يثيب ابنه إن أراد أن يجعل الصلاة محبوبة للابن، وأن يجعل للابن انساً بالعبادة.
وحين يكلِّف الأب ابنه بالصلاة، فالابن يطيع ؛ لأن الأب هو الذي يقضي حاجات الابن، ويحقق له مصالحه، والابن يعلم أن والده لن يكلفه إلا بما يحقق تلك المصالح، وهو يفعل ذلك ؛ لأنه يحبه ؛ لذلك جعل رسول الله ﷺ الأمر والنهي من النافع للابن ؛ لتوجد حيثية قبول في النفس.
وما إن يأت البلوغ فيكون التكليف من الله والأمر من الله، والثواب والعقاب منه سبحانه.
إذن : فالأمر والنهي قبل البلوغ يأتيان من الأب ؛ ليتعود الإنسان استقبال الأمر والنهي من ربه ورب أبيه.


الصفحة التالية
Icon