قوله تعالى :﴿ وما ظن الذين يفترون على الله الكذب ﴾ في الكلام محذوف، تقديره : ما ظنهم أن الله فاعل بهم يوم القيامة بكذبهم، ﴿ إن الله لذو فضل على الناس ﴾ حين لم يعجِّل عليهم بالعقوبة ﴿ ولكن أكثرهم لا يشكرون ﴾ تأخير العذاب عنهم.
قوله تعالى :﴿ وما تكون في شأن ﴾ أي : في عمل من الأعمال، وجمعه : شؤون.
﴿ وما تتلو منه ﴾ في هاء الكناية قولان :
أحدهما : أنها تعود إِلى الشأن.
قال الزجاج : معنى الآية : أي وقت تكون في شأن من عبادة الله، وما تلوت من الشأن من قرآن.
والثاني : أنها تعود إِلى الله تعالى، فالمعنى : وما تلوت مِنَ الله، أي : من نازل منه من قرآن، ذكره جماعة من العلماء.
والخطاب للنبي ﷺ، وأمته داخلون فيه، بدليل قوله :﴿ ولا تعملون من عمل ﴾ قال ابن الأنباري : جمع في هذا، ليدل على أنهم داخلون في الفعلين الأوَّلين.
قوله تعالى :﴿ إِذ تُفيضون فيه ﴾ الهاء عائدة على العمل.
قال ابن قتيبة : تفيضون بمعنى تأخذون فيه.
وقال الزجاج : تنتشرون فيه، يقال : أفاض القوم في الحديث : إِذا انتشروا فيه وخاضوا.
﴿ وما يعزب ﴾ معناه : وما يبعد.
وقال ابن قتيبة : ما يبعد ولا يغيب.
وقرأ الكسائي "يعزِب" بكسر الزاي هاهنا وفي [ سبأ : ٣ ].
وقد بيّنا "مثقال ذرة" في سورة [ النساء : ٤٠ ].
قوله تعالى :﴿ ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ﴾ قرأ الجمهور بفتح الراء فيهما.
وقرأ حمزة، وخلف، ويعقوب، برفع الراء فيهما.
قال الزجاج : مَنْ قرأ بالفتح، فالمعنى : وما يعزب عن ربك من مثقال ذرَّةٍ، ولا مثقالَ أصغرَ من ذلك ولا أكبر، والموضع موضع خفض، إِلا أنه فُتح لأنه لا ينصرف.
ومن رفع، فالمعنى : وما يعزب عن ربك مثقال ذرة ولا أصغر ولا أكبر.
ويجوز رفعه على الابتداء، فيكون المعنى : ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، ﴿ إِلا في كتاب مبين ﴾ قال ابن عباس : هو اللوح المحفوظ.


الصفحة التالية
Icon